الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج15-ص233
فإن قيل بلزوم العقد كالإجارة لم يكن له الفسخ ، وأخذ به جبراً ، فإن امتنع منه حبس عليه كما يحبس بسائر الحقوق إذا امتنع بها ، فإن طال به الحبس ، وهو على امتناعه عزر حتى يجيب ، وإن قيل بجواز العقد كالجعالة ، فله الفسخ قبل الرمي ، وبعد الشروع فيه ، وقبل ظهور الغلبة ، فإن ظهرت الغلبة لأحدهما ، فإن كانت لطالب الفسخ ، فله الفسخ ، وإن كانت لغيره ، ففي استحقاقه للفسخ قولان مضيا :
أحدهما : لا يستحقه بعد ظهورها ، لتفويت الأغراض المقصودة بعد ظهورها .
والقول الثاني : وهو الذي نص عليه الشافعي هاهنا ، له الفسخ لما علل به من أنه قد يكون له الفضل فينضل ويكون عليه الفضل ، فينضل .
قال الماوردي : أما قوله : ‘ ولا يجوز أن يسبقه ‘ ففيه تأويلان :
أحدهما : لا يعقد معه عقد السبق على هذا الشرط .
والتأويل الثاني : لا يخرج مال السبق على هذا الشرط .
وأما قوله : ‘ على أن يعيد عليه ‘ ، ففيه تأويلان على أنه إذا أخطأ أعيد عليه السهم ولم يحتسب به في الخطأ ، ويجعل كل خطأين خطأ واحداً .
والتأويل الثاني : على أنه إذا أصاب أعيد صوابه ، فاحتسب به إصابتين ، والعقد على التأويلين باطل لأمرين :
أحدهما : اشتراط تفاضلهما فيما يجب فيه تساويهما .
والثاني : أن مقصود عقدهما معرفة أحذقهما ، ولا يعلم مع مناضلة التفاضل حذق الحاذق .
قال الماوردي : وهذا كما قال ، إذا كان عقد نضالهما أن يكون عن قوس عربية ، فأراد أن يبذلها بقوس فارسية لم يجز لأن الصواب بالفارسية أكثر منه بالعربية ولو أراد أن يبدلها بقوة أخرى عربية جاز ؛ لأن الجنس يتعين بالشرط ولا يتعين له واحد من الجنس ، ولو كان عقد نضالهما على الفارسية ، فأراد أن يبدلها بالعربية ، لم يجز لأمرين :
أحدهما : أن تعيين الجنس يمنع من العدول عنه .