الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج15-ص230
واختلفوا في تعليله ، فقال أبو إسحاق المروزي : وهو الظاهر من تعليل الشافعي أنه جعله مناضلاً لنفسه ، والنضال لا يكون إلا بين اثنين ، فإن كثر ، فاستحال نضال نفسه فبطل .
وقال آخرون : بل علة بطلانه أنه فاضل على خطئه بصوابه بقوله : إن كان صوابك أكثر من خطئك ، والخطأة لا يناضل عليه ، ولا به .
والوجه الثاني : أن المسألة مصورة على ما أورده المزني هاهنا ، ولم يذكر فيه نضال نفسه ، وقال له : ارم عشرة أرشاق ، فعلى هذا يكون في صحته وجهان من اختلاف العلتين :
أحدهما : أنه صحيح ، ويستحق ما جعل له للتعليل الأول ؛ لأنه بذل مال على عمل لم يناضل فيه نفسه .
والوجه الثاني : أنه باطل للتعليل الثاني أنه مناضل على خطته وصوابه ، ويتفرع على هاتين المسألتين ثالثة :
واختلف فيها أصحابنا بأيهما تلحق على وجهين ، وهو أن يقول : ناضل وارم عشرة أرشاق فإن كان صوابك أكثر ، فلك كذا فتوافق المسألة الأولى في قوله : ناضل ، وتوافق المسألة الثانية في حذف قوله : ناضل نفسك ، وأحد الوجهين وهو قول أبي إسحاق المروزي إنهما في حكم المسألة الأولى في البطلان ؛ لأجل قوله : ناضل ، والنضال لا يكون إلا بين اثنين فصار كقوله : ناضل نفسك .
والوجه الثاني : أنها في حكم المسألة الثانية في حمل صحتها على وجهين من اختلاف العلتين إذا سقط قوله ناضل نفسك صار قوله : ناضل ، يعني : ارم على نضال ، والنضال المال ، فصار كالابتداء بقوله : ارم عشرة أرشاق .
قال الماوردي : وهذا صحيح وقد تقدم معناه ، فإذا انكسر السهم بعد خروجه عند القوس ، فله خمسة أحوال :
أحدها : أن يسقط عادلاً عن الهدف ، فلا يحتسب عليه في الخطأ ؛ لأنه من فساد السهم ، لا من سوء الرمي .