الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج15-ص207
وإصابة الثاني اثنا عشر ، فإن أخطأ الأول في سهم من بقية الرشق لم يفضل ولم ينضل ، ولو أصاب اثني عشر من خمسة عشر ، وأصاب الآخر سهمين من خمسة عشر استقر النضل ، وسقط بقية الرشق وجهاً واحداً ، لأن المفضول لو أصاب جميع الخمسة الباقية في الرشق حتى استكمل بما تقدم سبعة كان منضولاً ، لأن الباقي للفاضل بعد حطها خمسة ، فلم يستفد ببقية الرمي أن يدفع عن نفسه النضل ، فسقط ثم على هذه العبرة .
قال الماوردي : وهذا صحيح إذا نضل الرامي ملك مال النضال ، وكذلك في السبق ، وصار كسائر أمواله ، فإن كان عيناً استحق أخذها وإن كان ديناً استوجب قبضه ، ولم يلزمه أن يطعمه أصحابه من أهل النضال والسباق .
وحكى الشافعي عن بعض فقهاء الرماة أن عليه أن يطعمه أصحابه ، ولا يجوز أن يتملكه ، وهذا فاسد لأنه لا يخلو إما أن يكون كمال الإجارة أو مال الجعالة ، لأن عقده متردد بين هذين العقدين ، والعوض في كل واحد منهما مستحق يتملكه مستحقه ولا تلزمه مشاركة غيره ، فبطل ما قاله المخالف فيه ، فعلى هذا إن مطل به المنضول قضى به الحاكم عليه ، وحبسه فيه ، وباع عليه ملكه ، وإن مات أو أفلس ضرب به مع غرمائه ويقدم به على ورثته .
قال الماوردي : اعلم أن مال النضال لا يخلو إما أن يكون معيناً أو في الذمة ، فإن كان معيناً لم يجز أخذ الرهن منه ، ولا الضمين لأن الأعيان لا تستوفى من رهين ولا ضامن ، فلم يصح فيها رهن ولا ضمان ، وإن كان في الذمة ، فإن استقر المال بالفلج جاز أخذ الرهن فيه ، والضمين لاستقراره في الذمة كسائر الديون ، وإن لم يستقر بالفلج كان أخذ الرهن فيه والضمين معتبراً بحكم العقد في اللزوم والجواز ، فإن قيل بلزومه كالإجارة جاز أخذ الرهن فيه ، والضمين كالأجرة ، وإن قيل بجوازه كالجعالة ، ففي جواز أخذ الرهن والضمين فيه ثلاثة أوجه :
أحدها : لا يجوز أخذهما منه لأن العوض فيه غير لازم .
والوجه الثاني : يجوز أن يؤخذ فيه لأنه مفض إلى اللزوم .
والوجه الثالث : أنه يجوز أن يؤخذ فيه الضمين ، ولا يجوز أن يؤخذ فيه الرهن ، لأن حكم الضمان أوسع من حكم الرهن ، كما يجوز ضمان الدرك ، ولا يجوز أخذ الرهن فيه .