الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج15-ص205
قال الماوردي : قد ذكرنا أن النضال على ضربين : محاطة ومبادرة ، فبدأ الشافعي بذكر المحاطة ، لأنها كانت غالب الرمي في زمانه ، وقيل إنه كان رامياً يصيب من العشرة ثمانية في الغالب وهي عادة حذاق الرماة .
فإذا عقدا سبق النضال على إصابة خمسة من عشرين محاطة ورماية وجب أن تحط أقل الإصابتين في أكثرهما وينظر في الباقي بعد الحط ، فإن كان خمسة ، فهو القدر المشروط فيصير صاحبه به ناضلا .
وإن كان الباقي أقل من خمسة لم ينضل ، وإن كان أكثر أصابه لنقصانه من العدد المشروط ، فإذا كان كذلك لم يخل حالهما بعد الرمي من أحد أمرين : إما أن يتساويا في الإصابة أو يتفاضلا .
– فإن تساويا في الإصابة ، فأصاب كل واحد منهم عشراً عشراً أو خمساً خمساً ، قال الشافعي : ‘ فلا شيء لواحد منهما وليستأنفان ‘ ، فاختلف أصحابنا في مراده بقوله : ‘ وليستأنفان ‘ على وجهين حكاهما ابن أبي هريرة :
أحدهما : يستأنفان الرمي بالعقد الأول ، لأن عقد المحاطة ما أوجب حط الأقل من الأكثر وليس مع التساوي عقد حط ، فخرج من عقد المحاطة ، فلذلك استأنفا الرمي ليصير ما يستأنفانه في عقود المحاطة .
والوجه الثاني : أنه أراد بهما يستأنفان عقداً مستجداً إن أحبا ، لأن العقد الواحد لا يلزم فيه إعادة الرمي مع التكافؤ كما لا يلزم في الخيل إعادة الجري مع التكافؤ والذي أراه – وهو عندي الأصح – أن ينظر .
فإن تساويا في الإصابة قبل الرشق استأنفا الرمي بالعقد الأول . وإن تساويا فيه بعد استكمال الرشق استأنفاه بعقد مستجد إن أحيا ، لأنهما قبل استكمال الرشق في بقايا أحكام العقد وبعد استكماله قد نقضت جميع أحكامه .
أحدها : أن يفضل ، ولا ينضل بما فضل ، وهو أن يشترطا إصابة خمسة من عشرين محاطة ، فيصيب أحدهما عشرة أسهم ، ويصيب الآخر ستة أسهم فتحط الستة من العشرة ، فيكون الباقي منها أربعة فلا ينضل ، لأن شرط الإصابة خمسة ، وهكذا لو أصاب أحدهما خمسة عشر ، وأصاب الآخر أحد عشر لم ينضل الفاضل ، لأن الباقي له