الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج15-ص197
يرفعه ، فتقصر فلم يدل واحد منهما على التقديم ، وإذا سقط اعتبارها ثبت اعتبار الهادي والكتد ، ولو اعتبر السبق بأيديهما ، فأيهما تقدمت يداه وهو السابق كان عندي أصح ، لأن السعي بهما والجري عليهما ، لكن الشافعي اعتبره بالهادي والكتد .
فأما السبق بالكتد فمتحقق ، سواء اتفق الفرسان في الطول والقصر أو تفاضلا .
وأما السبق بالهادي ، وهو العنق ، فلا يخلو حال الفرسين أن يتساويا فيه أو يتفاضلا ، فإن تساويا في طوله أو قصره ، فأيهما سبق بالعنق كان سابقاً ، وإن تفاضلا في طوله أو قصره ، فإن سبق بالعنق أقصرهما عنقاً كان سابقاً ، وإن سبق بالعنق أطولهما عنقاً لم يكن سابقاً إلا أن ينضاف لسبق بكتده ، لأنه سبقه بعنقه إنما كان لطوله لا لزيادة جريه .
فإن قيل : فإذا كان السبق بالكتد صحيحاً م اختلاف الخلقة ، فلم اعتبر بالعنق الذي يختلف حكمها باختلاف الخلقة .
قيل : لأن السبق بالكتد يتحقق للقريب دون البعيد ، والسبق بالعنق يشاهده ، ويتحققه القريب والبعيد ، وربما دعت الضرورة إليه ليشاهده شهود السبق فشهدوا به للسابق شهوداً يستوقفون عند الغاية ليشهدوا للسابق على المسبوق ، فلو سبق أحدهما عند الغاية بهادي أو كتده ثم جريا بعد الغاية ، فتقدم المسبوق بعدها على السابق بهاديه أو كتده كان السبق لمن سبق عند الغاية دون من سبق بعدها ، لأن ما يجاوز الغاية غير داخل في العقد ، فلم يعتبر ، وهكذا لو سبق أحدهما قبل الغاية ثم سبق الآخر عند الغاية كان السبق لمن سبق عند الغاية دون من سبق قبلها لاستقرار العقد على السبق إليها .
قال الماوردي : وهذا صحيح ، لأن كثرة المتسابقين لا يوجب كثرة المحللين ، لأن دخول المحلل ليكون فيهم من يأخذ ولا يعطي حتى يصير خارجاً من ذكر القمار ، وهذا موجود في دخول الواحد بين مائة متسابق ، وإن كان الأولى أن يكثر المحللون إذا كثر المتسابقون ، ليكون من القمار أبعد ، وإن خرج من حكم القمار بالواحد ، وعلى هذا لو دخل بين الاثنين محللان فأكثر كان جائزاً وإن عقد السبق بالمحلل على شرطٍ فاسدٍ أوجب سقوط المسمى فيه ثم سبق أحدهما نظر فيه ، فإن كان هو المحلل ، استحق أجرة مثله على المتسابقين تكون بينهما نصفين يستوي في التزامها من تقدم منهما ، ومن تأخر ويستحقها وجهاً واحداً لأنه معهما كالأجير وإن سبق أحد المخرجين فلا شيء للمحلل ، وهل يستحق السابق على المتأخر أجرة مثله أم لا ؟ على ما قدمنا من الوجهين .