الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج15-ص191
استحق المسمى في العقد الصحيح استحق أجرة المثل في العقد الفاسد اعتباراً بكل واحد من عقدي الإجارة والجعالة ، فعلى هذا يكون السبق في حق من بعده صحيحاً ، ولكل واحد منهم ما سمي له ، وإن كان أكثر من أجرة مثل من بطل السبق في حقه ؛ لأنه لا يجوز أن يفضلوا عليه إذا كان مستحقاً بالعقد ، وهذا مستحق بغيره .
ويتفرع على هذا إذا جعل للأول عشرة ، ولم يجعل للثاني شيئاً ، وجعل للثالث خمسة وللرابع ثلاثة ، ولم يجعل لمن بعدهم شيئاً ، فالثاني خارج من السبق لخروجه من البدل ومن قيام من بعده مقامه وجهان :
أحدهما : يقوم الثالث مقام الثاني ، ويقوم الرابع مقام الثالث ؛ لأنه يصير وجوده بالخروج من السبق كعدمه ، فعلى هذا يصح السبق فيها ، بالمسمى لهما بعد الأول .
والوجه الثاني : أنهم يترتبون على التسمية ولا يكون خروج الثاني منهم بالحكم مخرجاً له من الثالث فعلى هذا يكون السبق فيها باطلاً ، لتفضيلها على السابق لهما ، وهل يكون لهما أجرة مثلها أم لا على ما ذكرنا من الوجهين .
والقسم الثالث : أن يبذل العوض لجماعتهم ، ولا يخلي آخرهم من عوض ، فينظر ، فإن سوى فيهم بين سابق ومسبوق كان السبق باطلاً ، وكان الحكم فيه على ما قدمنا ، وإن لم يساو بين السابق والمسبوق ، وفضل كل سابق على كل مسبوق ، حتى يجعل مستأخرهم أقلهم سهماً ، ففي السبق وجهان :
أحدهما : أنه جائز اعتباراً بالتفاضل في السبق ، فعلى هذا يأخذ كل واحد منهم ما سمي له .
والوجه الثاني : أن السبق باطل ؛ لأنهم قد تكافؤوا في الأخذ ، وإن تفاضلوا فيه ، فعلى هذا هل يكون باطلاً في حق الآخر وحده ؟ فيه وجهان :
أحدهما : أنه باطل في حقه وحده ؛ لأن بالتسمية له فسد السبق .
والوجه الثاني : أنه يكون باطلاً في حقوق جماعتهم ؛ لأن أول العقد مرتبط بآخره ، وهل يستحق كل واحد منهم أجرة مثله أم لا على الوجهين المذكورين ، فهذا حكم السبق الأول .