الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج15-ص190
والقسم الثاني : أن يبذله لجماعة منهم ، ولا يبذله لجميعهم ، كأنه بذل للأول عوضاُ وللثاني عوضاُ ، ولكل واحد منهم في اللغة اسم إذا تقدم على غيره خاص يقال للسابق الأول : المجلي ، والثاني : المصلي ، والثالث : التالي ، والرابع : البارع ، والخامس : المرتاح ، والسادس : الحظي ، والسابع : العاطف ، والثامن : المؤمل ، والتاسع : اللطيم ، والعاشر : السكيت ، وليس لما بعد العاشر اسم إلا الذي يجيء آخر الخيل ، كلها ، يقال له : الفسكل ، فإذا بذل لبعض دون بعض ، فعلى ضربين :
أحدهما : أن يفاضل بين السابق والمسبوق ، فيجعل للأول الذي هو المجلي عشرة ، ويجعل للثاني الذي هو المصلي تسعة ، والثالث الذي هو التالي خمسة والرابع الذي هو البارع أربعة ، والخامس الذي هو المرتاح ثلاثة ، ولا يجعل لمن بعدهم شيئاُ فإن هذا جائز ؛ لأنه قد منع المسبوقين وناضل بين السابقين ، فحصل التحريض في طلب التفاضل ، وخشية المنع .
ويتفرع على هذا أن يجعل للسابق عشرة ، وللمصلي خمسة ، ولا يجعل لمن بعدهم شيئاُ ، فيكون السابق خمسة والمصلي واحداً ، فيقسم الخمسة السابقين بالعشرة لكل واحد درهمان ، وينفرد الواحد المصلي بالخمسة ، وإن صار بهما أفضل من السابقين ، لأنه أخذ الزيادة لتفرده بدرجته ، ولم يأخذها لتفضيل أصل درجته وقد كان يجوز أن يشاركه غيره في درجته ، فيقل سهمه عن سهم من بعده ، ثم على هذا القياس إذا جعل للتالي شيئاً ثالثاً ، فحصل من كل درجة انفراد أو اشتراك ، وجب أن يختص المنفرد بسبق درجته ، ويشترك المشتركون بسبق درجتهم .
والضرب الثاني : أن يسوي فيهم بين سابق ومسبوق كأنه جعل للسابق عشرة وللمصلي عشرة ، وفاضل بين بقية الخمسة ، وهذا غير جائز ؛ لأن مقتضى التحريض ، أن يفاضل بين السابق والمسبوق فإذا تساويا فيه بطل مقصوده فلم يجز وكان السبق من حق المصلي الذي سوى بينه وبين سابقه باطلاً ولم يبطل في حق الأول ، وفي بطلانه في حق من عداه وجهان بناء على اختلاف الوجهين في الذي بطل السبق في حقه ، هل يستحق على الباذل أجرة مثله أم لا على وجهين :
أحدهما : وهو قول أبي إسحاق المروزي أنه لا أجرة له على الباذل لأن منعه عائد عليه ، لا على الباذل .
فعلى هذا يكون السبق في حق من بعده ، باطلاً ؛ لأنه يجوز أن يفضلوا به عن من سبقهم .
والوجه الثاني : وهو قول أبي علي الطبري أن له على الباذل أجرة مثله ، لأن من