الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج15-ص186
ومنها اختلاف أصحابنا في السبق بالصراع على وجهين :
أحدهما : وهو مذهب أبي حنيفة أنه جائز ، لما روي عن النبي ( ص ) أنه خرج إلى الأبطح ، فرأى يزيد بن ركانة يرعى أعنزاً له ، فقال : يزيد : يا محمد هل لك من أن تصارعني ؟ فقال له النبي ( ص ) : ‘ ما تستبق لي ؟ فقال : شاةً ، فصارعه فصرعه النبي ( ص ) فقال يزيد : هل لك العود ؟ فقال النبي ( ص ) : ما تستبق لي ؟ فقال : شاةً ، فصارعه ، فصرعه النبي ( ص ) فقال يزيد : يا محمد اعرض عليّ الإسلام ، فما أحدٌ وضع جنبي على الأرض غيرك ، فعرض عليه الإسلام فأسلم ، ورد عليه غنمه ‘ فدل على جواز السبق على الصراع .
والوجه الثاني : وهو ظاهر مذهب الشافعي أنه لا يجوز السبق على الصراع ، لما ذكرنا من المعنيين من السبق بالأقدام ، فعلى هذا إن قيل : إن السبق على الصراع لا يجوز ، فالسبق على المشابكة بالأيدي لا يجوز وإن قيل : بجوازه في الصراع ففي جوازه بالمشابكة وجهان كالسباحة .
ومنها اختلاف أصحابنا في السبق بالحمام على وجهين :
أحدهما : يجوز ؛ لأنها بالهداية تؤدي أخبار المجاهدين بسرعة .
والوجه الثاني : لا يجوز ؛ لأنها لا تؤثر في جهاد العدو ، وقد روي عن النبي ( ص ) أنه رأى رجلاً يسعى بحمامة ، فقال : ‘ شيطانٌ مع شيطانةٍ ‘ .
فأما السبق بالكلام وبنطاح الكباش ونقار الديكة ، فهو أسفه ، والسبق فيه باطل لا يختلف ، والله أعلم بالصواب .
أحدهما : يجوز كالمفارق ليده ؛ لأن جهاد العدو بها .
والوجه الثاني : لا يجوز ؛ لأنه يكون بذلك محارباً ، لا مسابقاً .
فأما السبق بالمداحي وكرة الصولجان فلا ؛ لأن الجهاد لا يكون بهما .