الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج15-ص180
قال الماوردي : الأصل في إباحة السبق والرمي قول الله تعالى : ( وَأَعِدُّواْ لَهُمْ مَّا اسْتَطَعْتُمْ مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ الله وَعَدُوَّكُمْ ) ( الأنفال : 60 ) فروى عقبة بن عامر قال : سمعت رسول الله ( ص ) يقول على المنبر : قال الله تعالى : ( وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ ) ألا وإن القوة الرمي ثلاثاً .
وروى عبد الله بن عمرو بن العاص قال : قال رسول الله ( ص ) : ‘ ارتبطوا الخيل ، فإن ظهورها لكم عزٌّ وأجوافها لكم كنزٌ ‘ فموضع الدليل من هذه الآية أنما لما أمر بإعداد الرمي والخيل للعدو في حربه ، وذلك لا يكون إلا بالتعليم والثقة بالسبق والإصابة ، فدل على إباحة ما دعا إليهما .
وقال تعالى فيما حكاه عن إخوة يوسف ( قَالُواْ يَأَبَانَا إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِندَ مَتَاعِنَا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ ) وفي قوله ( نَسْتَبِقُ ) تأويلان :
أحدهما : ننتضل من السباق في الرمي . قاله الزجاج .
والثاني : أنه أرادوا السبق بالسعي على الأقدام .
وموضع الدليل في هذا هو : أنهم أخبروا بذلك نبياً لم ينكره عليهم ، فدل على إباحته في شرعه ، وما تقدم به شرع لم يتعقبه نسخ كان معمولاً به .
وقال تعالى : ( وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللهَ رَمَى ) ( الأنفال : 17 ) وفي هذا الرمي تأويلان :
أحدهما : ما رواه ابن عباس أن النبي ( ص ) قبض يوم أحدٍ قبضةً من تراب رماهم بها ، وقال ‘ شاهت الوجوه ‘ أي : قبحت ، فألقى الله تعالى القبضة في أبصارهم حتى شغلتهم بأنفسهم ، وأظفر المسلمين بهم .