الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج15-ص179
في موضع إباحة أكله ، وذكر في موضع تحريم أكله ، فتوهم بعض أصحابه ، فخرج إباحة أكله على قولين اعتباراً بظاهر كلامه في الموضعين .
والصحيح أن إباحته لأكله إذا كان منتفعاً به في التداوي وتحريم أكله إذا كان غير منتفع به في التداوي ، فيكون على اختلاف حالين لا على اختلاف قولين .
قال الماوردي : وقد مضى الخلاف في نجاسة الشعور والأصواف وطهارتها في كتاب الطهارة ، فالطاهر منها يجوز استعماله في الذائب واليابس وأما النجس منها ، فضربان :
أحدهما : ما كان في الحياة طاهراً ، كشعور السباع ، والذئاب ، فاستعمالها في اليابسات من متاعٍ دون الذائبات .
والضرب الثاني : ما كان نجساً في الحياة كشعر الكلب والخنزير ، وإن جرى عرف العوام باستعماله ، وأجازه أبو حنيفة ومالك .
وسئل عنه أحمد بن حنبل ، فقال الليف أعجب إليّ منه ، فكأنه كرهه ، وأجازه ، وعولوا في إباحة استعماله على أمرين :
أحدهما : أن الحاجة داعية إليه .
والثاني : أن عرف العامة جارٍ باستعماله ، وهذا فاسد من وجهين :
أحدهما : أنه لما حرم الانتفاع بالخنزير حياً كان تحريم شعره ميتاً أولى .
والثاني : أنه لما كان أغلظ تنجيساً وجب أن يكون أغلظ تحريماً ، فإن خالفوا من نجاسته انتقل الكلام إليه .
فأما تعويلهم على الحاجة إليه ، فالحاجة لا تبيح محظوراً ، وقد يقوم الليف مقامه ، فسقطت الحاجة إليه .
وتعويلهم على العرف في استعماله ، فهو عرف من مسترسل في دينه .
فإذا صح تحريم استعماله كان مأثم تحريمه عائداً على مستعمله ، وجاز بيع المحروز به ، فإن كان الشعر عند الاستعمال يابساً لاقى يابساً ، فالخف المحروز به طاهر ، والصلاة فيه جائزة ، وإن لاقى في الحرز نداوة كان ما مسه الشعر من الخف المحروز نجساً ، فإن غسل سبعاً بتراب طهر ظاهره ، ولم تطهر دواخل الحرز ، ولم تجز الصلاة فيه ، والله أعلم .