الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج15-ص177
فارقه معنى التحريم أخف مما حله معنى التحريم ، فثبت بهذين أن أكل الصيد أولى .
فأما إذا وجد ميتة ولحم صيد قتله محرم ، فإن قيل : بذكاته كان أولى من الميتة وإن قيل : بنجاسته كان الميتة أولى منه .
ولو وجد المضطر المحرم صيداً وطعام الغير ، ففيه ثلاثة أوجه :
أحدها : يأكل الصيد ؛ لأن تحريمه عليه من حق الله تعالى ، فكان أخف .
والوجه الثاني : يأكل طعام الغير ؛ لأنه يستباح بالإباحة .
والوجه الثالث : أنه مخير في الأكل من أيهما شاء .
أحدهما : أنهما سواء ، وله الخيار في الأكل من أيهما شاء ؛ لأنهما قد استويا في النجاسة بالموت .
والوجه الثاني : أنه يأكل مما يؤكل لحمه دون ما لا يؤكل ؛ لأن للمأكول أصلاً في الإباحة ، فكان أولى مما لا أصل له في بالإباحة .
ولو وجد المضطر ميتتين إحداهما طاهرة في حياتها ، والأخرى نجسة في حياتها ، ففيه وجهان :
أحدهما : أنهما سواء ، ويأكل من أيهما شاء ، إلا أن يكون خنزيراً ؛ لأنهما قد استويا في النجاسة بعد الموت .
والثاني : أنه يأكل من الطاهر دون النجس ؛ لأن له في الطهارة أصلاً ليس للنجس .
ولو وجد المضطر ميتة ولحم ابن آدم أكل الميتة ، وإن كان خنزيراً دون لحم ابن آدم وجهاً واحداً ؛ لأن تحريم الميتة من حق الأكل وتحريم ابن آدم في حقه وحق الأكل ، فكان أغلظ ، وكذلك لو وجد صيداً ولحم ابن آدم وهو محرمٌ أكل الصيد تعليلاً بما ذكرنا .