الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج15-ص176
محظور ، وإن لم يؤكل ؛ وأكله محظور وإن لم يطبخ ، والضرورة تدعو إلى الأكل فأبحناه ولا تدعو إلى الطبخ فحظرناه .
وخالف الميتة التي تختص بتحريم الأكل دون الطبخ ، فجاز أن يجمع بينهما عند الضرورة .
وأما إذا وجد ، المضطر آدمياً حياً ، فإن كان ممن لا يستباح قتله حرم على المضطر أن يأكله ما يحيي به نفسه ؛ لأنه لا يجوز إحياء نفس بإتلاف نفس مع تكافئهما في الحرمة .
وسواء كان المأكول مسلماً أو ذمياً ؛ لأن نفسه الذميين محظورة كالمسلم وإن كان المأكول ممن يجب قتله في رده أو حرابة أو زنا جاز أن يأكل المضطر من لحمه لكن بعد قتله ، ولا يأكل لحمه في حياته ، لما فيه من تعذيبه ، فإن أكل من لحمه حياً كان مسيئاً إن قدر على قتله ، ومعذوراً إن لم يقدر على قتله لشدة الخوف على نفسه ، فإن لم يجد المضطر ما يمسك رمقه إلا بقطع عضو من جسده ففي إباحته وجهان :
أحدهما : وهو محكى عن أبي إسحاق المروزي إذا كان غالب قطعه السلامة لحفظ نفسه بعضو من جسده ، كما يقطع إذا وقعت فيه الأكلة ليحفظ به نفسه .
والوجه الثاني : لا يجوز ؛ لأنه يجمع بقطعه بين خوفين ، فكان أسرع إلى تلفه وليس كقطع الأكلة ؛ لأن يأمن سرايتها بقطعه .
فمن ذلك إذا وجد المضطر ، وهو محرم ميتة وصيداً حياً .
وهي مسألة الكتاب ، ففيما يستبيحه منهما قولان :
أحدهما : وهو مذهب مالك وأبي حنيفة : أنه يأكل الميتة دون الصيد لأمرين :
أحدهما : أن استباحة الميتة نص ، واستباحة الصيد اجتهاد .
والثاني : أن أكل الميتة لا يوجب الضمان ، وأكل الصيد موجب لضمان الجزاء ، فصارت الميتة بهذين الأمرين أخف حكماً .
والقول الثاني : وهو اختيار المزني : أنه يأكل الصيد ، ويعدل عن الميتة لأمرين :
أحدهما : أن إباحة الصيد عامة ، وحظره خاصة من الإحرام ، وحظر الميتة عام ، وإباحتها خاصة في الاضطرار ، فكان ما أباحته أعم أخف مما تحريمه أعم .
والثاني : أن تحريم الصيد لمعنى في غيره ، وتحريم الميتة لمعنى فيها ، فكان ما