الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج15-ص174
نفسه إلا بها ، فإذا شرع في قتاله توصل بالقتال إلى أخذ ما يتعلق به الإباحة من طعامه ، وفيه ما قدمناه من القولين :
أحدهما : يقاتله إلى أن يصل أخذ ما يمسك الرمق ، فإن قاتله بعد الوصول إلى إمساك الرمق كان متعدياً .
والقول الثاني : يقاتله إلى أن يصل إلى قدر الشبع ، ويكون القتال بعد الوصول إلى إمساك الرمق مباحاً ، وليس بواجب وجهاً واحداً ، وقتاله بعد الوصول إلى قدر الشبع عدوان .
فإن لم يصل بالقتال إلى شيء من طعامه حتى تلف أحدهما ، نظر ، فإن كان التالف رب الطعام كانت نفسه هدراً لا تضمن بقود ولا دية ؛ لأنه مقتول بحق ، كمن طلب نفس إنسان ، فقتله المطلوب دفعاً كانت نفسه هدراً ، وإن كان التالف المضطر كانت نفسه مضمونة على رب الطعام ؛ لأنه قتل مظلوماً ، ثم نظر فإن علم رب الطعام بضرورة المضطر ضمنه بالقود ، وإن لم يعلم بضرورته ضمنه بالدية ؛ لأنه مع العلم بها عامد ، ومع الجهل بها خاطئ والله أعلم .
قال الماوردي : مقدمة هذه المسألة أن يذكر ما يستبيحه المضطر من أكل المحرمات إذا انفردت ثم يذكر حكمها في حقه إذا اجتمعت ، فإذا وجد المضطر صيداً ، وهو محرم حل له أكل الصيد ، لضرورته في إحياء نفسه كالميتة التي يستبيح أكلها بالضرورة ، وإن حرمت عليه إذا أكل الصيد أن يفديه بالجزاء ؛ لأن الضرورة لا تمنع من وجوب الجزاء ؛ لأنها فيه ، وليست في الصيد ، وهو من حقوق الله تعالى ، التي يستوي فيها العامد والخاطئ ، وفي قدر ما تستبيحه من أكله قولان كالميتة :
أحدهما : قدر إمساك الرمق .
والثاني : قدر الشبع ، ولو كان ما وجده المحرم المضطر صيداً مقتولاً أكل منه ، ولم يضمنه بالجزاء سواء ضمنه قاتله أو لم يضمنه ؛ لأن ضمان الصيد على المحرم مستحق بالقتل دون الأكل ، وإذا كان غير ضامن لجزائه ، نظر ، فإن كان قاتل الصيد