الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج15-ص173
معاوضة ، فله أن يأكل حتى ينتهي إلى حد الشبع ك 7 طعام الولائم ، ولا قيمة عليه ؛ لأن عرف الاستطعام والإطعام موضوع على المواساة ، دون المعاوضة ، فأوجب إطلاق الإذن حمله على العرف ، والمعهود فيه .
فلو اختلف في الإذن ، فقال المالك : أذنت لك في أكله بعوض لي عليك .
وقال المضطر : بل أذنت لي في الأكل مبيحاً ، فلا عوض لك عليّ فالقول قول المالك مع يمينه ؛ لأنه مالك .
فإن اختلف في قدر القيمة ، فالقول قول المضطر مع يمينه لأنه غارم .
أحدها : أن يقدر على أخذ الطعام منه بغير قتال ، فله أن يأخذ الطعام جبراً ولا يتعدى الآخذ إلى قتاله ، وفي قدر ما يستبيح أخذه منه قولان :
أحدهما : قدر ما يمسك به رمقه .
والثاني : ما ينتهي به إلى حد الشبع ، ويأكله في موضعه ، ولا يحمله ؛ لأن ضرورته معتبرة في مكانه . وقد يجوز أن تزول الضرورة إن زال عنه ، فإذا أكله كانت عليه قيمته بمكانه في وقته .
والحال الثانية : أن لا يقدر على أخذه ، ولا على قتاله عليه ، فمالك الطعام عاص بالمنع ، ومعصيته إن أفضت إلى تلف المضطر أعظم ، لكن لا يضمنه بقود ولا دية ؛ لأنه لم يكن منعه فعلاً يتعلق به الضمان .
ولو قيل : إنه يضمن ديته كان مذهباً ؛ لأن الضرورة قد جعلت له في طعامه حقاً ، فصار منعه منه كمنعه من طعام نفسه ، وهو لو منع إنساناً من طعام نفسه حتى مات جوعاً ضمن ديته كذلك إذا منعه من طعام قد صار حقه متعلقاً به وجب أن يضمن ديته .
والحال الثالثة : أن لا يقدر المضطر على أخذه إلا بقتاله عليه ، فله أن يقاتله عليه ، وهل يجب عليه أن يقاتله حتى يصل إلى طعامه أم لا على وجهين ممن أريدت نفسه هل يجب عليه المنع منها ؟ :
أحدهما : يجب عليه أن يقاتله ؛ ليصل إلى إحياء نفسه بطعامه ، كما يجب عليه أكل الميتة لإحياء نفسه بها .
والوجه الثاني : أن القتال مباح له ، وليس بواجب عليه ؛ لأن مالك الطعام لا ينفك في الأغلب من دين أو عقل يبعثه كل واحد منهما على إحياء المضطر بماله ، فجاز أن يكون موكولاً إليه ، وخالف أكل الميتة في الوجوب ؛ لأنه لا سبيل إلى إحياء