الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج15-ص164
أحدهما : أن التحريم مقصور على لحمه دون شحمه اقتصاراً على النص ، وهو قول داود .
والثاني : أن التحريم عام في جميعه ، وخص النص باللحم تنبيهاً عليه ؛ لأنه معظم مقصوده ( وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللهِ ) ( البقرة : 173 ) يريد بالإحلال : الذبح ، لأنهم كانوا إذا أرادوا ذبح ما قربوه لآلهتهم جهروا بأسماء آلهتهم عند الذبح .
ومن قوله : ( لِغَيْرِ اللهِ ) تأويلان :
أحدهما : ما ذبح لغير الله من الأصنام ، قاله مجاهد .
والثاني : ما ذكر عليه غير اسم الله من الأصنام ، قال عطاء ، وهو على التأويلين حرام ، فانتهى ما ذكره من التحريم ، ثم ابتدأ بإباحة ذلك للمضطر ، فقال : ( فَمَنْ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ ) ( البقرة : 173 ) ومن ( اضْطُرَّ ) تأويلان :
أحدهما : أنه افتعل من الضرورة .
والثاني : أنه من إصابة الضر وفي ( غَيْرَ بِاغٍ وَلاَ عَادٍ ) ثلاث تأويلات :
أحدها : غير باغ على الإمام بعصيانه ولا عاد على الأمة بفساده ، وهو معنى قول مجاهد .
والثاني : غير باغ في أكله فوق حاجته ولا عاد بأكلها ، وهو يجد غيرها ، وهو قول قتادة .
والثالث : غير باغ في أكلها شهوة ، وتلذذاً ، ولا عاد باستيفاء الأكل إلى حد الشبع ، وهو قول السدي .
وفي قوله : ( فَلاَ إثْمَ عَلَيْهِ ) تأويلان :
أحدهما : فلا عقاب عليه في أكلها .
والثاني : فلا منع عليه في أكلها ، والاستثناء إباحة أكلها عند الاضطرار من عموم تحريمها مع الاختيار على ما ذكره من شروط الإباحة .
وقال تعالى في سورة المائدة ، وهي من محكمات السور التي لم يرده بعدها نسخ ، واختلف هل نزل بعدها فرض فقال سبحانه : ( حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ ) ( المائدة : 3 ) . وذكر في هذه الآية المحرمات مثل ما ذكر في تلك الآية ، وزاد فقال : ( وَالْمُنْخَنِقةُ ) وهي التي تختنق بحبل الصائد ، وغيره حتى تموت .