پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج15-ص163

فخرجه ابن أبي هريرة قولاً ثانياً ، وامتنع جمهور أصحابه من تخريجه ، وجعلوه حكاية عن مذهب غيره ، وحكي عن ابن أبي ليلى أن استعمال جلد الميتة قبل الدباغ جائز .

فمن الناس من جعل ذلك منه حكماً بطهارته ، كما قال غيره في العظم والشعر ، ومنهم من جعله إباحة لاستعماله مع الحكم بنجاسته ، وفي قول الله تعالى : ( حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ الْمَيْتَةُ ) ( المائدة : 3 ) ما يقتضي تحريم جميعها على العموم ، فكان دليلاً على جميعهم في نجاسة الجميع ، فإذا ثبت هذا لم يطهر شيء منها إلا جلدها بالدباغة .

وقال الليث بن سعد : يطهر عظمها بالطبخ إذا ذهب دسمه .

وقال إبراهيم النخعي : يطهر بالخرط وقال خرط العاج ذكاته .

وقال بعض أصحاب الحديث : يطهر شعرها بالغسل وفي قوله النبي ( ص ) : ‘ هلا انتفعتم بإهابها ‘ دليل على اختصاص الإهاب بطهارة الدباغة دون غيره ، فإذا دبغ الجلد طهر دون شعره ، وحكى الربيع بن سليمان الجيزي عن الشافعي أن الشعر تابع للجلد يطهر بدباغه ، وامتنع سائر أصحابه من تحريمه ، وجعلوه حكاية عن مذهب غيره ، وقد مضت هذه المسألة في كتاب الطهارة ، وإنما أشرنا إلى جملتها حين أعيدت .

( مسألة : )

قال الشافعي : ‘ ولا يأكل المضطر من الميتة إلا ما يرد نفسه فيخرج به من الاضطرار ( قال ) في كتاب اختلاف أبي حنيفة وأهل المدينة بهذا أقول ( وقال ) فيه وما هو بالبين من قبل أن الشيء حلالٌ وحرامٌ فإذا كان حراماً لم يحل منه شيءٌ وإذا كان حلالاً فقد يحتمل أن لا يحرم منه شيئاً فهو محرمٌ إلا ما أباح منه بصفة فإذا زالت الصفة زالت الإباحة ( قال المزني ) ولا خلاف أعلمه أن ليس له أن يأكل من الميتة وهو بادي الشبع لأنه ليس بمضطر فإذا كان خائفاً على نفسه فمضطرٌّ فإذا أكل منها ما يذهب الخوف فقد أمن فارتفع الاضطرار الذي هو علة الإباحة ( قال المزني ) رحمه الله وإذا ارتفعت العلة ارتفع حكمها ورجع الحكم كما قال قبل الاضطرار وهو تحريم الله عز وجل الميتة على من ليس بمضطر ولو جاز أن يرتفع الاضطرار ولا يرتفع حكمه جاز أن يحدث الأضرار ولا يحدث حكمه وهذا خلاف القرآن ؟ .

قال الماوردي : والأصل في إباحة الميتة للمضطر قول الله تعالى : ( إِنَّماَ حَرَّمَ عَلَيْكُمْ المَيْتَةَ ) فأخبر بتحريمها بعد قوله ( كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ ) ( البقرة : 172 ) ليدل على تخصيص التحريم في عموم الإباحة ، فقال : ( إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ المَيْتَةَ ) ( البقرة : 173 ) وهو ما فاتت روحه بغير ذكاة من كل ذي نفس سائلة ، والدم وهو الجاري من الحيوان بذبح أو جرح ولحم الخنزير فيه تأويلان :