پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج15-ص160

قيل : المكاثرة لا تزيل النجاسة ؛ لبقائها فيه ، وإنما يغلب حكم المكاثرة ، فيحكم له بالطهارة .

أو لا ترى أن البول لو وقع في الماء الكثير ، فلم يغيره كان طاهراً ، وجاز بيعه ولا يدل ذلك على طهارة البول ، كذلك الماء النجس .

والقسم الثالث : ما لم يتميز نجاسته ؛ لامتزاجه واختلف في إمكان إزالتها منه ، وهو الزيت النجس ، وما جرى مجراه من الأدهان ، دون السمن . ففي إمكان غسله وطهارته وجهان :

أحدهما : وهو قول أبي العباس بن سريج وابن أبي هريرة أنه يمكن غسله ، ويطهر بأن يراق عليه الماء في إناء ، ويمخض فيه مخضاً ، يصير به مغسولاً ، كالثوب ؛ لأن الدهن يتميز عن الماء ويعلو عليه ، كما يتميز الثوب ، ثم يؤخذ ، فيكون طاهراً .

والوجه الثاني : وهو الظاهر من مذهب الشافعي وقول جمهور أصحابه أن غسله لا يصح بخلاف الثوب ، لأنه مائع ، كالماء ، فلم يكن جذب الماء للنجاسة بأولى من جذب الزيت لها ، فكان باقياً على نجاسته والماء في الثوب يجذب نجاسته إليه ، فافترقا .

فإن قيل : إن غسله لا يصح لم يجز بيعه ، وهو الصحيح .

وإن قيل : إن غسله يصح ، ففي جواز بيعه وجهان من علتي بيع الثوب النجس :

إحداهما : يجوز بيعه تعليلاً بإمكان تطهيره بالغسل .

والوجه الثاني : لا يجوز بيعه تعليلاً بذهاب أكثر منافعه بنجاسته .

( مسألة : )

قال الشافعي : ‘ ويستصبح به فإن قيل كيف ينتفع به ولا يبيعه ؟ قيل قد ينتفع المضطر بالميتة ولا يبيعها وينتفع بالطعام في دار الحرب ولا يبيعه في تلك الحال قال وقد نهى النبي ( ص ) عن ثمن الكلب وأباح الانتفاع به في بعض الأحوال فغير مستنكرٍ أن ينتفع الرجل بالزيت ولا يبيعه في هذه الحال ‘ .

قال الماوردي : وهذا صحيح ، والانتفاع بما نجس من السمن والزيت في الاستصباح ، جائز على ما سنصفه .

وقال ابن جرير الطبري وطائفة من أصحاب الحديث : الانتفاع به حرام في استصباح وغيره ؛ احتجاجاً بأن رسول الله ( ص ) أمر بإراقته .

والدليل على ما ذهبنا إليه ، وهو قول الجمهور رواية الزهري عن سالم عن أبيه ،