الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج15-ص159
وأكثر منافع الثوب باقية بعد نجاسته ؛ لبقاء أكثر منافعه ، ولم يجز بيع الزيت النجس ، لذهاب أكثر منافعه ، أو لا ترى أن الميتة ، وإن جاز الانتفاع بها للمضطر لا يجوز بيعها ؛ لذهاب أكثر منافعها ، ولو أذيب شحمها جاز الانتفاع به ، وإن لم يجز بيعه .
أحدها : ما كان نجس العين من الأصل خلقة ، ولم يكن له من الطهارة أصل كالكلب ، والخنزير ، فلا يجوز بيعه بحال ؛ لنجاسة عينه ، سواء كان منتفعاً به ، كالكلب ، أو غير منتفع به كالخنزير .
والقسم الثاني : ما طرأت نجاسته بعد تقدم طهارته من غير نجاسة جاورته ، كنجاسة الخمر ، بحدوث الشدة ، ونجاسة الميتة ، بحدوث الموت .
والشدة والموت لا يوصف بنجاسة ولا طهارة ، وإن نجس بهما الأعيان الطاهرة .
وهذه النجاسة مانعة من جواز البيع سواء أمكن إزالتها بدباغ الجلد أو لم يمكن إزالتها ، كاللحم لنجاسة جميع الأجزاء التي لا يتخللها جزء طاهر .
وأجاز أبو حنيفة بيع ما يمكن إزالة نجاسته ، كالجلد ؛ لإمكان طهارته بالدباغة وهذا فاسد من وجهين :
أحدهما : أن نجاسة الخمر يمكن إزالتها عنده بالتخليل ، ولا يجوز بيعها ، كذلك الجلد .
والثاني : أنه قبل زوال نجاسته مساوٍ لما تمكن إزالة نجاسته ؛ لا لنجاسة جميع أجزائه فلم يجز أن يجري علي حكم الطهارة ، مع عدمها فيه .
والقسم الثالث : ما نجس بمجاورة النجاسة له مع طهارة عينه ، فهذا ينقسم ثلاثة أقسام :
أحدها : أن تتميز نجاسته ويمكن إزالتها ، كالثوب النجس ، فيجوز بيعه ، قبل إزالة نجاسته ، لعلتين :
إحداهما : إمكان إزالتها .
والثانية : بقاء أكثر منافعه معها .
والقسم الثاني : أن لا تتميز نجاسته ؛ لامتزاجه بها ، ولا يمكن إزالتها ، كالدبس واللبن إذا نجس وكذلك الماء النجس ، فلا يجوز بيع ذلك ، لأنه لا سبيل إلى طهارته فإن قيل : فالماء النجس يطهر بالمكاثرة .