الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج15-ص158
أقوى ، لاختصاصه برفع الحدث ، فقويت طهارته على رفع النجس عنه ، وضعفت طهارة المانع عن دفع النجس عنه .
وقال داود : يحرم أكل السمن وحده إذا نجس دون غيره ، تمسكاً بظاهر النص في السمن ، فجعل الحكم مقصوراً عليه ، وهذا فاسد من وجهين :
أحدهما : أنه لما كان حكم الفأرة مع ورود النص فيها متعدياً إلى نظائرها كان السمن في تقدير حكمه بمثابتها .
والثاني : أن غير السمن لما شاركه في الإباحة قبل النجاسة وجب أن يشاركه في التحريم بعد النجاسة ؛ لاشتراكهما في الطهارة والنجاسة .
قال الماوردي : وهو كما قال ، لا يحل بيع ما نجس من الزيت ، والسمن ، والدبس ، وجميع ما لم تتميز نجاسته .
وقال أبو حنيفة : يجوز بيعه ؛ لأنه نجس بالمجاورة ، فجاز بيعه ، كالثوب النجس .
ودليلنا : أن رسول الله ( ص ) أمر بإراقته ، ولو جاز بيعه لم يأمر بإضاعته ، وروي عن النبي ( ص ) أنه قال : ‘ لعن الله اليهود ؛ حرمت عليهم الشحوم فجملوها وباعوه ، وإن الله تعالى إذا حرم أكل شيءٍ ، حرم ثمنه ‘ .
وقوله : ‘ جملوها ‘ يعني أذابوها .
ولأنه مائع ورد الشرع بإراقته ، فلم يجز بيعه ، كالخمر .
ولأنه مائع نجس ، فلم يجز بيعه كولوغ الكلب ، وكاللبن والخل .
وأما الجواب عن قياسه على بيع الثوب فمن وجهين :
أحدهما : أن عين الثوب طاهر ، ونجاسته مجاورة ، فتميز عنها وعين الزيت قد نجس ؛ لامتزاج النجاسة به .
وإنها لا تتميز عنه كما لم تتميز عن الخل ، واللبن .
والثاني : أن أكثر منافع الناس الزيت ، قد ذهبت نجاسته ؛ لأن مقصوده الأكل ،