الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج15-ص155
( البقرة : 267 ) يعني الدنيء وكقوله من بعد : ( وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلاَّ أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ ) ( البقرة : 267 ) فيحمل على الدنيء دون الحرام ؛ بدليل ما قلناه ، وليس هو إلى الحرام بموجب لاشتراكهما في حكم التحريم ؛ لأنه لما ضم إلى ما يحرم على الأحرار والعبيد ، وهذا لا يحرم على العبيد ، فجاز أن لا يحرم على الأحرار .
أحدهما : لمباشرة النجاسة لقول الله تعالى : ( وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ ) ( المدثر : 5 ) . فعلى هذا يكره كسب كل مباشر للنجاسة من كناس ، وخراز وقصاب .
واختلف قائل هذا ، هل يكون كسب الفصاد من جملتهم ؟ على وجهين :
أحدهما : يكون من جملتهم ، لأنه يباشر نجاسة الدم .
والوجه الثاني : وهو قول أبي علي بن أبي هريرة أنه لا يكره كسبه ؛ لاقترانه بعلم الطب ، فإنه قل ما يباشر نجاسة الدم .
فأما الختان ، فمكروه الكسب كالحجام ، بل يزيد عليه في مباشرة العورات ، وتكون الكراهة مقصورة على مباشرة الأنجاس ، ومنتفية عمن لا يباشرها من سماك ، ودباغ .
والوجه الثاني : أن كراهة التكسب به لدناءته ، وهو الظاهر من مذهب الشافعي ؛ لأنه جعل من المكاسب دنيئاً وحسناً ، وقد روي أن ذا قرابة لعثمان بن عفان رضي الله عنه قدم عليه ، فسأله عن كسبه ، فقال : غلة حجام أو حجامين ، فقال : إن كسبكم لدنيء ، أو قال : لوسخ فعلى هذا يكره مع ذلك كسب السماك ، والدباغ ، والحلاق والقيم .
واختلف على هذا في كسب الحجامين على وجهين :
أحدهما : مكروه ، دنيء ، لأنه يشاهد العورات ويتكسب بحران غير مقدر .
والوجه الثاني : لا يكره كسبه ؛ لأنه لا يباشر عملاً ، ويمكنه غض طرفه عن العورات ، وليس يتكسب بمباشرتها ؛ فإن أرسل طرفه صار كغيره من الناس .
وكذلك نظائر ما ذكرناه ، وجميع هذا مكروه للأحرار .
فأما العبيد ففيهم وجهان :
أحدهما : يكره لهم كالأحرار ، وهو قول الأكثرين .