پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج15-ص151

وقسم ممتنع لا يمكن ذبحه ، ويمكن عقره ، وهو الصيد ، فذكاته بعقره من أي موضع وقع من جسده ، لتعذر ذبحه .

وقسم يتعذر ذبحه وعقره وهو الحوت والجراد ؟ لأن موت الحوت بعد موته سريع وعقر الجراد شاق ، فكان موتهما ذكاة .

وإن كان هذا أصلاً متفقاً عليه وجب أن يعتبر في الجنين ، فإن لم يقدر على ذبحه لسرعة موته ، كان موته ذكاة له ، فالحوت والجراد ، وإن كان مقدوراً على ذبحه ، لبقاء حياته كانت ذكاته في الحلق واللبة ، كالمقدور عليه من الصيد والنعم ، فيصير الخلاف فيه مردوداً إلى الأصل المتفق عليه ، ولأنه لما سري حكم الأم إلى جنينها في البيع الهبة والعتق سري إليه في الذكاة والإباحة .

ألا ترى أن الجناية على الأم إذا ألقته ميتاً ، كالجناية عليه في وجوب الضمان ؟ فصار في جميع أحواله ملحقاً بأمه ، فكانت الذكاة منها ، ولم يجز أن يقتطع عنها .

فإن قيل : لو لحق بها في الذكاة إذا خرج ميتاً لم يحتج إلى الذكاة إذا خرج حياً فعنه جوابان :

أحدهما : إنما حل إذا خرج ميتاً لفراق روحه بذكاتها ، ولم يحل إذا خرج حياً ، لأن روحه لم يفت بذكاتها .

والثاني : أنه لا يجوز أن يعتبر خروجه حياً في الذكاة بخروجه ميتاً كما لا يعتبر في الجناية ؛ لأنه إذا خرج ميتاً كانت ديته معتبرة بأمه ، وإذا خرج حياً كانت ديته معتبرة بنفسه ، كذلك في الذكاة .

فأما الجواب عن الآية والخبر فمن وجهين :

أحدهما : أن الخبر خارج عن الميتة ؟ لأن موته بذكاة أمه ، ولو مات بغير ذكاتها فألقته ميتاً حرم ؟ لأنه ميتة .

والثاني : أن عموم الآية مخصوص في الجنين بالخبر ، كما خصت في الحوت والجراد ، وملحق بالحوت والجراد ؟ لما ذكرنا من اشتراكهما في المعنى .

وأما الجواب عن قياسه على الأم ، فهو أن ذكاتها مقدور عليها ، فلم تحل إلا بها ، وذكاة الجنين غير مقدور عليها ، فحل ولو قدر على ذكاته لم يحل إلا بها كالأم ، وهو الجواب عن قياسهم عليه ، إذا خرج ميتاً ؛ لأنه يقدر على ذكاته حياً ، فاعتبرت ؛ ولأنه يقدر على ذكاته ميتاً فسقطت .