پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج15-ص148

منها قبل علفها نظر في رائحة لحمها ، فإن لم يتغير بأكل النجاسة كان حلالاً وإن تغير بها فإن كان يسيراً لم يستوعب رائحة تلك النجاسة حل أكله ، وإن كانت كثيرة قد استوعبت رائحة تلك النجاسة أو قاربها ، ففي إباحة أكله وجهان حكاهما ابن أبي هريرة :

أحدهما : مباح ، لأنه من أصل مأكول .

والثاني : أنه حرام ، لأنه قد صار من الخبائث ، وهكذا نقول في الجدي إذا ارتضع من لبن كلبة أو خنزيرة حتى نبت له لحمه كانت إباحة أكله على هذين الوجهين فإما المجثمة التي روى ابن عباس النهي عنها ، فهي التي جثمت على الموت بضرب أو غيره ، وفرق بين الصيد الجاثم والمجثوم ، فالجاثم الممتنع ، ويحل أكله إذا جثم بحديدة ، والمجثوم المقدور عليه لا يحل أكله إلا بذكاة .

والمصبورة : هي التي حبست عن الطعام والشراب حتى ماتت ، ولا يحل أكلها في ممتنع ، ولا مقدور عليه .

وأما المختطفة ففيها وجهان :

أحدهما : ما اختطفه السبع من الحيوان أكله حرام قاله ابن قتيبة .

والثاني : أنها النهبة لاختطافها بسرعة ومنه سمي الخطاف لسرعته قاله ابن جرير :

وروي عن النبي ( ص ) أنه قال : ‘ لا تتخذوا ذا الروح غرضاً ‘ وهو رمي الحيوان حتى يموت ، فإن كان من مقدور عليه حرم أكله ، وإن كان من ممتنع حل أكله ، إن كان بمحدد ، وحرم إن كان بمثقل .

( فصل : )

فأما أكل الأجنة ، وهو أن تذبح البهيمة ، فيوجد في بطنها جنين ، فإن كان حياً مقدوراً على ذكاته لم يحل أكله إلا بالذكاة ، وإن كان ميتاً أو حياً قصرت مدة حياته عن ذكاته ، حل أكله بذكاة أمه ، وهو إجماع الصحابة وقاله مالك والأوزاعي والثوري ، وأبو يوسف ، ومحمد ، وأحمد ، وإسحاق ، وتفرد أبو حنيفة . فحرم أكله احتجاجاً بقول الله تعالى : ( حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ الْمَيْتَةُ ) ( المائدة : 3 ) . وبقول النبي ( ص ) : ‘ أُحلت لنا ميتتان ودمان : الميتتان الحوت والجراد ، والدمان ، الكبد والطحال ‘ ، وهذه ميتة ثالثة : يوجب الخبر أن تكون محرمة ، ولأنه من جنس ما يذكى ، فوجب أن لا يحل إلا بالذكاة كالأم ، ولأنه ذبح واحد ، فلم يجز أن تكون ذكاة الاثنين كما لو خرج الجنين حياً ، ولأن ما كان موته ‘ ذكاة ‘ في غير المقدور عليه كان موته ذكاة في المقدور عليه ، وما لم يكن قوته ذكاة في المقدور عليه لم يكن ذكاة في غير المقدور عليه كالصيد والنعم ، فلما لم يكن موت المقدور عليه من الأجنة ذكاة لم يكن موت غير المقدور عليه ذكاة ،