الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج15-ص147
وأباح مالك أكل جميعه ، وكره الحية ، ولم يحرمها ، وكذلك الفأرة والغراب ، وفيما قدمناه من الدليل معه على هذا الأصل مقنع ، وسواء في تحريم الديدان ما تولد في الطعام أو في الأرض ، ومن الفقهاء من أباح أكل ما تولد في الطعام ، وحرم أكل ما تولد في الأرض ، وكلاهما مستخبث ، فاستويا .
وهكذا الذباب والزنابير ، وسواء كان من زنابير العسل وغيرها . فإن قيل : فإذا كان عسلها مأكولاً ، فهلا كان أكلها حلالاً ؟
قيل : هي مستخبثة ومؤذية ، وليس يمتنع أن يحرم أكلها ، وإن حل عسلها كألبان النساء في إباحة شربه مع تحريم لحومهن فأما ما يحل أكله ، فيكثر تعداده ، وهو ما يمنع الحرم والإحرام من قتله وفيه إذا أصابه المحرم الجزاء إلا يسمع .
وما تولد من بين مأكول وغير مأكول ، فإنه لا يؤكل ، ويجب فيه الجزاء ، تغليباً للحظر في الأمرين .
وقال أبو العباس بن القاص : لا جزاء فيه ، لأنه غير مأكول ، ووهم فيه ، لأن تغليب الحظر موجبه ، والله أعلم بالصواب .
فأما الجلالة فهي التي ترعى الحلة ، وهي البعر والعذرة ، فحمل بعض أصحاب الحديث النهي على التحريم ، وبه قال سفيان الثوري ، وأحمد بن حنبل .
وعندي أنه محمول على الكراهة دون التحريم ، لأن النهي عنها وارد ، لأجل ما تأكله من الأنجاس ، وهي تغتذيه في كرشها ، والعلف الطاهر ينجس في الكرش ، فساوى في حصوله منه حال النجس ، ولأن لحوم ما ترعى الأنجاس نتن ، وأكل اللحم إذا نتن يحرم وإذا كان هكذا فكلما كان أكثر غذائه رعى الأنجاس كان أكل لحمه وشرب لبنه مكروهاً .
فأما ركوبه ، فيكره إذا كان عرياً لنتن عرقه ، ولا يكره إذا كان موكفاً أو مسرجاً ، فإن كان أكثر ما يغتذيه طاهراً ، وإن اغتذى في بعضها نجساً لم يكره اعتباراً بالأغلب ، ويختار في الجلالة إذا أريد شرب لبنها أو أكل لحمها أن تحبس عن الأقذار بالعلف الطاهر في البعير أربعين يوماً وفي البقرة ثلاثين يوماً ، وفي الشاة سبعة أيام ، وفي الدجاجة ثلاثة أيام ، وليست هذه المقادير توقيفاً لا يزاد عليه ، ولا ينقص منه ، لأن المقصود زوال ما أنتن من أبدانها ، والأغلب أنها تزول بهذه المقادير ، فإن زالت بأقل منها زالت الكراهة وإن لم تزل فيها بقيت الكراهة حتى تزول مما زاد عليها ، فإن أكل