الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج15-ص141
قيل : يحتمل إن صح الحديث على أنها خبيثة الفعل دون اللحم ، لما فيه من إخفاء رأسه عند التعرض لذبحه ، وإبداء شوكه عند أخذه .
فأما أم حبين ففي إباحة أكلها وجهان :
أحدهما : تؤكل ، وهو مقتضى كلام تعليل الشافعي ، وقد نص على أن فيه الجزاء .
والوجه الثاني : أنها لا تؤكل وهو مقتضى تعليل المروزي ، وقد قال فيها البدوي ما قال .
وروى الصعب بن جثامة قال : أتيت رسول الله ( ص ) برجل حمارٍ وحشي ، فرده عليّ فتعمر وجهي ، فلما عرف الكراهة في وجهي قال : ما بنا رد عليك ، ولكنا قوم حرم ، فامتنع من أكله لإحرامه ، فإن الصعب صاده لأجله بعد إحلاله من الإحرام . وفي قول الصعب : رجل حمارٍ وحشيٍّ تأويلان :
أحدهما : يعني به أحد رجليه التي يمشي عليها .
والثاني : أنه أراد جماعة حمير يقال لها : رجل ، كما يقال حيط نعام ، وسرب ظباء ، وهو أشبه ، لأن رسول الله ( ص ) لا يقصد وهو في كثير من أصحابه بهدية عضو من حمار .
فأما الحمير الأهلية فأكلها حرام ، واختلف أصحابنا ، هل حرمت باستخباث العرب لها أو بالنص في المنع منها ؟ على وجهين ، وبتحريمها قال جمهور الصحابة والتابعين والفقهاء ، وقال عبد الله بن عباس وسعيد بن جبير : أكلها حلال احتجاجاً بحديث رواه الشافعي عن سفيان عن مسعر عن عبيد بن الحسن عن أبي معقل قال : أخبرنا رجلان من مزينة قالا : قلنا يا رسول الله ، إنه لم تبق لنا الشدة إلا الحمر أفنأكل منها ؟ فقال : أطعما أهلكما من سمين فإني إنما قدرت عليكم بجوال القربة ، يعني : أكلة الزبل والعذرة .