الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج15-ص137
قال الماوردي : أما نهي رسول الله ( ص ) عن أكل كل ذي ناب من السباع ، فهو أصل في التحريم دون الإباحة ، وقد رواه الشافعي عن سفيان عن الزهري عن أبي إدريس الخولاني عن أبي ثعلبة الخشني ، أن رسول الله ( ص ) نهى عن أكل كل ذي نابٍ من السباع ، ومعلوم أن في ذوات الأنياب مأكولاً ، فاحتيج إلى تعليل ما حرم به ذوات الأنياب ، وقد اختلف في معنى تعليله ، فعند الشافعي أنه ما قويت أنيابه فعدا بها على الحيوان طالباً له غير مطلوب ، فكان عداؤه بأنيابه علة تحريمه وقال من أصحابه أبو إسحاق المروزي : هو ما كان عيشه بأنيابه دون غيره ، لا يأكل إلا ما يفرس من الحيوان فكان عيشه بأنيابه علة تحريمه ، واختلاف التعليلين يبين في التفضيل . وقال أبو حنيفة : هو ما فرس بأنيابه ، وإن لم يبتدئ بالعدوى ، وإن عاش بغير أنيابه ، وهذه ثلاث علل ، أعمها علة أبي حنيفة ، وأوسطها علة الشافعي ، وأخصها علة المروزي ، فالأسد والذئب والفهد والنمر حرام ، لوجود العلل الثلاث فيها ، لأنها تبتدئ العدوى بقوة أنيابها وتعيش بفريسة أنيابها ، وكذلك أمثالها مما اجتمعت فيه العلل الثلاث .
فأما الضبع فحلال عندنا ، لعدم العلتين فيه ، لأنه لا يبتدئ بالعدوى ، وقد يعيش بغير أنيابه .
وقيل : إنه من أحمق الحيوان ، لأنه يتناوم حتى يصطاد .
وقال مالك : هو حرام .
وقال أبو حنيفة : مكروه ، والمكروه عنده ما يأثم بأكله ، ولا يقطع بتحريمه ، احتجاجاً بنهيه عن أكل كل ذي نابٍ من السباع ، وهو ذو ناب يفرس به ، ولأن ما فرس بأنيابه حرم أكله كالسباع .
ودليلنا : مع التعليل الذي قدمناه : ما رواه الشافعي عن سفيان عن ابن جريج ، عن عبد الله بن عبيد عن ابن أبي عمار قال : قلت لجابر : أرأيت الضبع أصيدٌ هو ؟ قال :