الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج15-ص136
وروي عن النبي ( ص ) أنه قال : ‘ خمسٌ يقتلن في الحل والحرم ، والغراب والحدأة والعقرب والفأرة والكلب العقور ‘ وما أبيح قتله ولم يحرم في الحرم والإحرام كان حراماً مستثنى من قوله تعالى : ( وَإذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا ) ( المائدة : 25 ) . وهو انفصال عنها ، ولأن رسول الله ( ص ) قد أحل بعض الحيوان وحرم بعضه ، وأغفل بعضه ، فكان نصه متبعاً في ما أحل وحرم ، وبقي المغفل ، ولا بد له من أصل يعتبر فيه ، لأنه ليس له رده إلى التحليل بأولى من رده إلى التحريم ، وليس فيه إلا أحد أصلين ، إما القياس وإما عرف العرب ، ومالك لا يعمل على واحد منهما ، ونحن نعمل عليهما ، لأننا نعتبر عرف العرب ثم ترجع إلى القياس عند التكافؤ فكنا في اعتبار الأصلين أرجح منه في ترك الأصلين .
فأما الجواب عن قوله تعالى : ( قُل لاَّ أَجِدُ فِيمَا أُوْحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ ) ( الأنعام : 145 ) . في وجهين :
أحدهما : لا أجد فيما نزل به القرآن محرماً إلا هذه المذكورة ، وما عداها محرم بالسنة .
والثاني : لا أجد فيما استطابته العرب محرماً إلا هذه المذكورة .
وقوله : إن العرب كانت تستطيب أكل جميعها ، فإنما ذلك في جفاة البوادي ، لجدب مواضعهم في الضرورات ، فقد ذكرنا أن مثلهم لا يعتبر .