پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج15-ص101

والوجه الثاني : وهو قول أبي العباس بن سريج أنها قد صارت بمجرد النية أضحية لقول النبي ( ص ) ‘ إنما الأعمال بالنيات ‘ مع قول الله تعالى : ( لَنْ يَنَالَ اللهُ لُحُومِهَا وَلاَ دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ ) ( الحج : 37 ) يعني إخلاص القلوب بالنيات فعلى قول أبي العباس بن سريج قد وجبت ويؤخذ بذبحها ، وعلى الوجه الأول لم تجب وله بيعها ، فإن تركها على نيته حتى ضحى بها فهل تصير بالذبح بعد النية أضحية أم لا ؟ على وجهين :

أحدهما : لا تصير أضحية بالذبح مع تقدم النية .

والثاني : تصير لأن الذبح فعل ظاهر ، فإذا اقترن بالنية صار آكد من القول بغير نية ، فصار فيما تصير به أضحية ثلاثة أوجه :

أحدها : بالقول وحده .

والثاني : بالنية وحدها .

والثالث : بالنية والذبح .

فأما الهدايا ففيما يوجبها الشافعي قولان ، ولأصحابه وجهان آخران أحد قولي الشافعي وهو الجديد أنها لا تجب إلا بالقول ، فيقول : قد جعلت هذه البدنة هدياً .

والقول الثاني : وهو القديم أنها تصير بالتقليد والإشعار هدياً ، وإن لم يقل ؛ لأنه علم ظاهر كالقول .

والثالث : هو أحد وجهي أصحابنا أنها تصير هدياً بالنية وإن لم يقلدها ، ويشعرها كالأضحية .

والرابع : وهو الوجه الثاني لأصحابنا : أنها تصير هدياًَ بالذبح مع النية والله أعلم بالصواب .

( مسألة : )

قال الشافعي : ‘ فإذا أوجبها لم يكن له أن يبدلها بحالٍ ‘ .

قال الماوردي : وهذا صحيح إذا أوجب الأضحية وعينها خرجت بالإيجاب عن ملكه ، ومنع من التصرف فيها ، ووجب عليه مؤنتها وحفظها إلى وقت نحرها ، وهو قول علي عليه السلام ، ومذهب أبي يوسف وأبي ثور .

وقال أبو حنيفة ، ومحمد : لا تخرج بالإيجاب عن ملكه ، ولا يمنع من التصرف فيها ، ويكون بإيجابها مخيراً بين ذبحها أو ذبح غيرها ؛ احتجاجاً بما روي عن النبي ( ص ) ‘ أنه أهدى مائة بدنة عام حجه ، فقدم عليه علي من اليمن فأشركه فيها ، ولو خرجت بالإيجاب عن ملكه ما جعل فيها شركاً لغيره ؛ ولأنه لو أوجب على نفسه عتق