پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج15-ص65

وقال أبو حنيفة إن مات بسبب حل أكله ، وإن مات بغير سبب حرم أكله ، وقال بعض العراقيين : إن طفا حرم ، وإن رسب لم يحرم احتجاجاً برواية ابن الزبير عن جابر أن النبي ( ص ) ‘ نهى عن أكل السمك الطافي ‘ .

وبرواية وهب بن كيسان عن جابر أن النبي ( ص ) قال : ‘ كلوا ما حسر عنه البحر وما ألقى ، وما وجدتم ميتاً طافياً فوق الماء فلا تأكلوه ‘ .

قالوا : وهذان الخبران نصٌّ في التحريم .

قالوا : ولأن موت ذي الروح بغير سبب يوجب تحريم أكله كالبري .

ودليلنا قول الله تعالى : ( أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعاً لَكُمْ وَللسَّيَّارَةِ ) ( المائدة : 96 ) وقد ذكرنا تفسيرها ، وأن طعامه طافية على قول أبي بكر وعمر رضي الله عنهما ، وحديث أبي هريرة أن النبي ( ص ) قال في البحر : ‘ هو الطهور ماؤه الحل ميتته ‘ وهذا كالنص ، أضاف الميتة إلى البحر لا إلى سبب حادث ، وحديث ابن عمر أن النبي ( ص ) قال : ‘ أحلت لنا ميتتان ودمان ‘ فالميتتان الحوت والجراد ، والدمان الكبد والطحال ‘ ، فكان على عمومه . وروى الشافعي عن سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن جابر بن عبد الله قال : بعثنا رسول الله ( ص ) في ثلاثمائة راكب وأميرنا أبو عبيدة بن الجراح . نريد عيراً لقريش ، فأصابنا جوعٌ شديد حتى أكلنا الخبط فسمي ذلك الجيش جيش الخبط ، ثم ألقى لنا البحر ونحن بالساحل دابة تسمى العنبر ، فأكلنا منه نصف شهر ، واستدمنا منه ، وادهنا بودكه حتى باتت أجسامنا ، فأخذ أبو عبيدة ضلعاً من أضلاعه فنصبه ، ثم نظر إلى أطول رجل في الجيش ، وأعظم جملٍ ، فأمره أن يركب الجمل ثم يمر تحته ، ففعل فمر تحته ، فدل هذا الخبر على أمرين :

أحدهما : إباحة أكل الطافي .

والثاني : إباحة أكل دواب البحر ، وإن لم يكن حوتاً .

وروى عكرمة عن ابن عباس قال : أشهد على أبي بكر – رضي الله عنهما – أنه قال : ‘ السمكة الطافية على الماء حلالٌ ، ولم يظهر له مخالفٌ فكان إجماعاً ، وأكل أبو أيوب الأنصاري سمكاً طافياً ، فإن كان على عهد رسول الله ( ص ) ، فلم يظهر منه إنكار دل على إباحته سنة ، وإن كان بعده فلم يظهر له منكر كان إجماعاً ؛ ولأن كل حيوان استغنى عن الذكاة في إباحته استغنى في موته كالجراد ؛ ولأن ما حل أكله قبل الظفر حل أكله بعد الظفر كالمذكى .

فأما الجواب عن حديث جابر فمن وجهين :