الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج15-ص64
فأما دمه فمن جعل ذكاته شرطاً جعل دمه نجساً ، ومن لم يجعل ذكاته شرطاً وجعله كالحوت في استباحته بموته ، ففي دمه ودم جميع السمك وجهان :
أحدهما : نجس لعموم قوله تعالى : ( حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ المَيْتَةُ وَالدَّمُ ) ( المائدة : 3 ) .
والوجه الثاني : أن دمه طاهر ؛ لأن دم الحي كلحم الميت ، فلما خالف حيوان البر في طهارته بعد الموت خالف في طهارة دمه ، والله أعلم .
قال الماوردي : وهذا صحيح إذا كان الحوت لا يفتقر إلى ذكاة ، وكان موته في إباحته كالذكاة ، فلا فرق بين أن يصطاده مسلم أو مجوسي أو وثني في إباحة أكله ، وهم في صيده كموته حتف أنفه ؛ ولأن ما كان موته ذكاته استوى فيه أهل الذكاة وغير أهل الذكاة كالجراد ، فإنه يحل إذا مات أو أميت من يد مجوسي أو وثني .
وقال مالك : لا يحل الجراد حتى يقطف ، وهذا خطأ لقول النبي ( ص ) : ‘ أُحلت لنا ميتتان ودمان ، الحوت والجراد ‘ ولأن قطف رأسه إن كان معتبراً بعد موته لم يؤثر ، وإن كان معتبراً قبل موته كان فيه تعذيب لذي روح ورد النهي عنه ، وليست التسمية عند صيدها مسنونة ، ولا ورد بها شرع ، وإن كان ذكر الله تعالى على كل الأحوال حسناً .
قال الماوردي : إذا مات السمك في الماء حل أكله سواء كان بسبب شدة برد الماء ، أو شدة حرارته أو نضب عنه حتى صار على اليبس أو مات بغير سبب ، وسواء طفا على الماء حتى ظهر أو رسب في قرار فلم يظهر ، وهو قول أكثر الصحابة والتابعين والفقهاء .