الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج15-ص63
أحدها : ما يكون مستقره في البر ، ومرعاه من البحر مثل : طير الماء فهذا من حيوان البر وتجري عليه حكمه .
والقسم الثاني : ما يكون مستقره في البحر ومرعاه في البر كالسلحفاة فهذا من حيوان البحر ، ويجري عليه حكمه .
والقسم الثالث : ما يستقر في البر والبحر ويرعى في البر والبحر ، فيراعى أغلب حاليه .
فإن كان أغلبهما البر في مستقره ومرعاه أجري عليه حكم الحيوان البري ، وإن كان أغلبها البحر في مستقره ومرعاه أجري عليه حكم حيوان البحر ، وإن استوى فيه الأمران ، ولم يغلب أحدهما على الآخر ، ففيه وجهان :
أحدهما : أنه يجري عليه حكم حيوان البر تغليباً للحظر ؛ لأنه مستغن عن البحر .
والوجه الثاني : أنه يجري عليه حكم حيوان البحر تغليباً للإباحة ؛ لأنه مستغنٍ عن البر .
قال الماوردي : أما السمك ، فلا يلزم ذبحه ، وإن قدر عليه ، وإن طالت حياته بعد صيده جاز أن ينتظر به موته ، ولا يكره انتظاره ، وجاز أن يعجل ذبحه ، ولا يكره ذبحه ، وفي الاستحباب منها وجهان :
أحدهما : أن تزكه ليموت حتف أنفه أولى ؛ لأن موته ذكاة .
والثاني : أن ذبحه أولى ليستعجل الراحة من أبطأ الموت .
وأما غير السمك من دواب البحر إذا قيل بإباحته ، فإن لم يدرك ذبحه حيًّا بعد صيده حتى مات حل أكله ؛ لأن صيد البر إذا لم يقدر على ذكاته بعد صيده حل أكله ، فكان صيد البحر أولى ، وإن أدرك ذكاته بعد صيده فقد اختلف أصحابنا في وجوب ذبحه وكونه مع القدرة شرطاً في إباحته على وجهين :
أحدهما : وهو قول الأكثر منهم أن ذبحه لا يجب ، وأن موته ذكاة كالسمك ، وهذا قول من جمع بين السمك وغيره في الإباحة .
والوجه الثاني : وهو قول من اعتبر حيوان البحر بحيوان البر في الحظر والإباحة فجمع بينهما في الذكاة ، وحرمه مع القدرة عليها إذا مات ، وهذا الجمع فاسد في الأمرين .