الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج15-ص53
ألا تراه لو أشار بالسكين إلى حلق شاة ليعبث بها ولا يذبحها ، فانذبحت بها حل أكلها ، وإن لم ينوه ، وتأثير اختلاف الوجهين في هذا التعليل يتحقق فيمن رمى إلى الهواء ، فسقط في علوه على صيد ، فقتله ، ففي إباحته وجهان :
أحدهما : غير مباح إذا علل بقصد الفعل .
والوجه الثاني : مباح إذا علل بمباشرة الفعل ، وهكذا لو كانت بيده سكين فسقطت على حلق شاة أو طائر ، فذبحته لم يحل أكله على الوجه الأول لأنه عن فعل غير مقصودٍ وحل أكله على الوجه الثاني ؛ لأنه عن مباشرة فعله .
أحدهما : مباح كما لو أرسل سهمه عليه .
والوجه الثاني : محظور لأمرين هما تعليل ، وفرق :
أحدهما : أن إرساله على غير الحيوان عبث ، فصار كالمسترسل بنفسه .
والثاني : أن تصرف الكلب باختياره ، ونفوذ السهم باختيار مرسله .
فأما إذا أرسل سهمه أو كلبه على غير شخص يراه ، فصادف صيداً قتله ، فقد ذكرنا أنه إن كان بإرسال كلب لم يؤكل ، وإن كان بإرسال سهم ، ففي إباحة أكله وجهان ، وهو عكس مسألتنا في الشخص المرئي ؛ لأنه في الشخص يؤكل ما أصابه سهمه ، وفي أكل ما أصابه كلبه وجهان ، وفي غير الشخص المرئي لا يؤكل ما أصابه كلبه ، وفي أكل ما أصابه سهمه وجهان .
قال الماوردي : وهذا كما قال إذا ملك صيداً بالاصطياد أو بابتياع ، وأفلت منه لم يزد ملكه عنه سواء طال مكثه عنه أو قصر ، وسواء بعد عنه في البر أو قرب من المصر ، وسواء كان من الطير أو الدواب .
وبه قال أبو حنيفة .