پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج15-ص40

وأخذه الآخر كان للآخذ دون النابش ، فلو وقعت أيديهما عليه كان لأسبقهما يداً ، فإن استوت أيديهما معاً كان بينهما يستوي فيه من أخذ برأسه ومن أخذ برجله أو ذنبه ، ولا يقسم عليهما بقدر أيديهما عليه ، ومواضعهما منه ؛ لأن اليد على بعضه يد على جميعه ألا ترى أن رجلين لو تنازعا على دابة في يد أحدهما رأسها وفي يد الآخر ذنبها كانا في اليد عليها سواء .

( فصل : )

وأما الممتنع بعدوه أو طيرانه ، فيملك بأحد ثلاثة أشياء :

أحدها : بالأخذ والتناول بأن يظفر به في بيته ، أو يعقله على مائه أو حضانة ولده وبيضه ، فيصير بحصوله في يده ملكاً له ، وإن كان باقياً على امتناعه لو أرسل .

والثاني : أن يقع في شبكته أو شركه ، فلا يقدر على الخلاص ، فيصير بحصوله فيها ملكاً لواضع الشبكة والشرك سواء كان حاضراً أو غائباً ، وسواء عقرته الشبكة أو لم تعقره ، إذا لم يقدر على الخلاص منها ، فإن قدر على الخلاص لم يستقر ملكه عليه في حال قدرته على الخلاص إلا بأحد أمرين .

إما أن يأخذه بيده ويصير بوقوعه فيها أحق به من غيره ، وإن أخذه غيره صار الآخذ له أملك به ، كالعبد إذا دخل دار رجل كان مالك الدار أحق بأخذه ، فإن أخذه غيره صار الآخذ له أملك به من صاحب الدار ، فإن أفضت الشبكة باضطراب الصيد فيها إلى عجزه عن الخلاص منها ، فقد ملكه حينئذٍ صاحب الشبكة ، وإن أخذه في هذه الحال غيره ، كان صاحب الشبكة أحق به ، ولو تقطعت الشبكة فأفلت الصيد منها . نظر في قطع الشبكة ، فإن قطعها الصيد الواقع فيها عدا بعد انفلاته إلى حال الإباحة وملكه من صاده ؛ لأنه بان أن الشبكة لم تثبته ، ولو قطعها غيره من صيودٍ آخر اجتمعت على قطعها كان باقياً على ملك صاحبها ، لا يزول عنه بانفلاته منها ؛ لأنها قد أثبتته ، فلا يملكه غيره إذا صاده ، ويسترجعه منه كالعبد الآبق والبعير والشارد ، فإن كانت الشبكة فارغة ، فاضطر الصيد غير واضع الشبكة إليه ، فوقع فيها بطرده إليها ، كان ملكاً لواضع الشبكة دون طارده ؛ لأن إثباته بالشبكة دون الطرد فلو وضع الشبكة غير مالكها كان الصيد ملكاً لواضعها دون مالكها ، سواء كان مستعيراً أو غاصباً ، وعليه إن غصب أجرة مثلها ، فلو حضر مالك الشبكة ، بعد وضعها ، فإن كان معيراً كان واضعها أحق بالصيد منه ، وإن كان مغصوباً كان ما وقع فيه قبل حضوره ملكاً للغاصب ، وما وقع بعد حضوره ملكاً للمغصوب إن رفع يد الغاصب ، وملكاً للغاصب إن لم يرفع يده عنها ؛ لأن الغاصب يبرأ من ضمانها إذا رفعت يده ، فصار وضعها قبل وضع يده منسوباً إلى الغاصب وبعد رفع يده منسوباً إلى المغصوب .

والثالث : الذي يملك به الصيد أن يثبته بعد الامتناع فلا يقدر على عدوٍ ولا طيران وهذا الإثبات معتبر بشرطين :