الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج15-ص35
على القاطع دية يده ؛ لأن قطعه لم يسر ، وكان على القاتل قيمة نفسه ؟ والمزني اعتبر أرش الجراحة مع سرايتها ، وفيه مخالفة لهذا الأصل .
والثاني : أن قيمة المجني عليه معتبرة عند وقوع الجناية عليه ، ولا تعتبر قيمته بعد استقرارها عليه ، ألا ترى لو قطع يد عبدٍ فمات اعتبرت قيمته قبل قطعه ولم تعتبر بعده ، والمزني اعتبر القيمة بعد الجراح ، فخالف هذا الأصل ، واختلف أصحابنا كذلك فيما ذهب إليه المزني ، هل قاله تخريجاً على مذهب الشافعي ، فكان مخطئاً ، أو قاله مذهباً لنفسه فكان مجتهداً ؟ فعلى وجهين :
أحدهما : قاله تخريجاً .
والثاني : قاله مذهباً غير اجتهادٍ ، فهذا حكم الوجه الأول على قول المزني .
وبيانه : أن نقول جرحه الأول ، وقيمته عشرة دراهم ، وأرش جراحته درهم ، فوجب عليه نصف العشرة ، وهي خمسة ونصف الأرش وهو نصف درهم يتحمله عنه الثاني ، ثم جرحه الثاني ، وقيمته تسعة دراهم وأرش جراحته درهم ، فوجب عليه نصف قيمته أربعة دراهم ، ونصف أرش جراحته ، وهو نصف درهم يتحمله عن الأول ، فيصير عليه خمسة دراهم ، وعلى الأول خمسة دراهم ، فيصير هذا موافقاً لقول المزني في الجواب ، ومخالفاً له في التعليل ؛ ليكون سليماً على الأصول ، فعلى هذا لو كان أرش جراحة الأول درهماً ، وأرش جراحة الثاني ثلاثة دراهم كان على الأول نصف العشرة ، وهي خمسة ، ونصف أرش جراحته وهو نصف درهم ، وجرحه الثاني ، وقيمته تسعة دراهم ، فعليه نصفها أربعة دراهم ونصف ، وعليه نصف أرش جراحته ، وهو درهم ونصف تحملها عن الأول ، فصار عليه ستة دراهم ، وبقي على الأول أربعة دراهم ، وعلى هذا لو كان أرش جراحة الأول ثلاثة دراهم ، وأرش جراحة الثاني درهماً ، كان على الأول نصف قيمته ، وهي خمسة دراهم ، ونصف أرش جنايته ، وهو درهم ونصف ، يصير عليه ستة دراهم ونصف ، وجرحه الثاني وقيمته سبعة دراهم عليه نصفها