پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج15-ص34

( فصل : )

فإذا تقرر ما ذكرنا من هذه الوجوه الأربعة وتعليل كل وجه منها ، فإن وجب بها على الثاني جميع القيمة على مقتضى تعليلها صار الجرح الثاني كالتوجيه في غير محل الذكاة ، فيلزم الثاني جميع قيمة الصيد مجروحاً ، وزعم المزني أن مسألة الكتاب في الثاني أن يكون موحياً ؛ لأنه أوجب جميع القيمة ، وأنكر سائر أصحابنا أن تكون مسألة الكتاب في الثاني أن يكون موجياً ؛ لأنه أوجب جميع القيمة وما قاله الشافعي من إطلاق وجوب القيمة محمولٌ على اختلاف الوجوه الأربعة ، فيكون إطلاقها عند وجوب الكل محمولاً عليه ، وعند وجوب القسط محمولاً عليه ، وأما إذا وجب على الثاني قسطه من القيمة على مقتضى الوجوه الأربعة ، وهو مختص بمسألة الكتاب ، فقد اختلف أصحابنا حينئذٍ في تعليل الحكم الموجب لتقسيط القيمة والعمل المؤدي إليه على خمسة أوجه يتضح بيانها إذا ذكرت قيمة الصيد وأرش الجرح ، فتصورها في صيد مملوكٍ قيمته عشرة دراهم جرحه الأول جرحاً نقص من قيمته درهماً ، وجرح الثاني نقص من قيمته درهماً ، ثم مات من الجراحتين ، فأحد الوجوه الخمسة في تعليل الحكم من طريق العمل وهو قول أبي إبراهيم المزني أنك توجب على كل واحدٍ من الجارحين أرش جراحة ، ثم تقسم قيمة الصيد بعد الجراحتين بينهما نصفين ، وتجمع على كل واحدٍ منهما بين نصف قيمته وأرش جراحته ، فتجعل على الأول درهماً هو أرش جراحة ، وعلى الثاني درهماً هو أرش جراحة وقيمة الصيد بين الجراحتين ثمانية دراهم تجب على كل واحد من الجارحين نصفها أربعة دراهم ، فتضم إلى الدرهم الذي لزمه بأرش الجراحة ، فيصير على كل واحدٍ منهما خمسة دراهم ، ولو كانت جراحة الأول أرشها درهماً ، وجراحة الثاني أرشها درهمين أوجب على الأول درهماً ، وهو أرش جراحتين ، وأوجب على الثاني درهمين . هما أرش جرحته ، ثم مات الصيد بعد الجراحتين ، وقيمته سبعة دراهم ، فيكون على كل واحدٍ منها نصفها ثلاثة دراهم ونصف ، فيصير على الأول مع الدرهم أربعة ونصف ، وعلى الثاني مع الدرهمين خمسة دراهم ونصف ، ولو كانت جراحة الأول أرشها ثلاثة دراهم ، وجراحة الثاني أرشها درهمان أوجب على الأول ثلاثة دراهم هي أرش جراحته ، وأوجب على الثاني درهمين هما أرش جراحته ، ومات الصيد بعد الجراحتين وقيمته خمسة دراهم على كل واحدٍ منهما نصفها ، يضم إلى ما عليه ، فيصير على الأول خمسة دراهم ونصف ، وعلى الثاني أربعة دراهم ونصف ثم على هذه الطريقة فيما زاد ونقص ، وهي إن صحت في العمل فهو تفسد على أصول الشافعي في وجهين :

أحدهما : أن الجراحة إذا سرت إلى النفس لم يعتبر أرشها ، وإذا لم تسر إلى النفس اعتبر أرشها ، ألا ترى أن رجلاً لو قطع يد عبد ، فمات من السراية ضمن جميع القيمة ، ودخل أرش القطع في قيمة النفس ، ولو لم يمت من القطع حتى قتله آخر كان