الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج15-ص6
قال : وسألته عن صيد البازي ، فقال : ما أمسك عليك ، فكل . قال : وسألته عن الصيد إذا رميته ، فقال : إذا رميت سهمك ، فاذكر اسم الله ، فإن وجدته قد قتلته ، فكله إلا أن تجده قد وقع في ماءٍ ، فمات فإنك لا تدري الماء قتله أو سهمك .
وقال : وسألته عن سهم المعراض ، فقال : ما أصاب بجده فكل ، وما أصاب بعرضه ، فهو وقيزٌ ‘ . وهذا الحديث يستوعب إباحة الصيد بجميع آلته .
وقال عبد الله بن عمر ، مجاهد ، والسدي : لا يحل إلا صيد الكلب وحده ، ويحرم الاصطياد بما عداه ؛ استدلالاً بقول الله تعالى : ( وَمَا عَلَّمْتُمْ مِّنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ ) ( المائدة : 4 ) ، واستدل الحسن برواية عبد الله بن مغفل قال : رسول الله ( ص ) ‘ لولا أن الكلاب أمةٌ من الأمم ؛ لأمرت بقتلها ، فاقتلوا منها الأسود البهيم ‘ .
وفيما قدمناه دليل على الفريقين ؛ ولأن ما وجدت فيه شروط التعليم جاز الاصطياد به ، كالكلب الأبيض .
أحدها : أن يسترسل الجارح عن أمر مرسله ، فإن استرسل بنفسه لم يحل أكله ؛ لقول الله تعالى : ( فَكُلُوا مِمَّا أمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ ) فلم يحل ما أمسكه على نفسه .
والثاني : أن يكون المرسل مما تحل ذكاته ، فإن كان ممن لا تحل ذكاته حرم ؛ لأن إرساله كالذكاة .
والثالث : أن لا يغيب عن عين مرسله ، فإن غاب عن عين مرسله لم يحل ؛ لأنه قد يحدث بعد مغيبه ما يمنع من إباحته .
والرابع : أن لا يشركه في قتله من لا يحل صيده ، وإن شركه فيه لم يحل .
والخامس : أن يكون الجارح المرسل معلماً : لقوله تعالى : ( تُعَلِّمُونَهُمْ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللهُ ) فإن كان غير معلم لم يحل .