پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج15-ص5

أحدهما : أنها الكلاب وحدها ، و لا يحل صيد غيرها ، وهذا قول ابن عمر ، والضحاك ، والسدي .

والثاني : أن التكليب من صفات الجوارح من كلب وغيره ، وفيه تأويلان :

أحدهما : أنه الضرواة على الصيد ، ومعناه : مضرين عليه ، وهذا قول ابن عباس .

والثاني : أنه التعليم ، وهو أن يمسك ، ولا يأكل .

ثم قال تعالى : ( تُعَلِّمُونَهُمْ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللهُ ) ( المائدة : 4 ) فيه تأويلان :

أحدهما : ترسلوهن على ما أحله الله لكم دون ما حرمه عليكم .

والثاني : تعلمونهم من طلب الصيد لكم مما علمكم الله من التأديب الذي علمكم ، وهو تعليمه أن يستشلي إذا أشلي ، ويجيب إذا دعي ويمسك إذا أخذ .

ثم قال تعالى : ( فَكُلُوا مَمَّا أَمْسَكَ عَلَيْكُمْ ) ( المائدة : 4 ) فكان هذا نصاً في الإباحة وفي سبب نزول هذه الآية قولان :

أحدهما : ما رواه أبو رافع أن جبريل عليه السلام أراد الدخول على محمد رسول الله ( ص ) فرأى كلباً ، فرجع ، وقال : ‘ إنا لا ندخل بيتاً فيه كلبٌ ‘ .

قال أبو رافع ، ‘ فأمرني بقتل الكلاب ، فقتلتها ، فقالوا : يا رسول الله ما يحل لنا من هذه الأمة التي أمرت بقتلها ؟ فسكت حتى نزلت عليه هذه الآية ‘ .

والثاني : أن زيد الخيل وفد على رسول الله ( ص ) ، وقال له : ‘ فينا رجلان يقال لأحدهما دريع ، والآخر يكنى أبا دجانة ، ولهما أكلب خمسة تصيد الظباء فما ترى في صيدها ؟ ‘ .

وحكى هشام عن ابن عباس أن أسماء هذه الكلاب الخمسة التي لدريع وأبي دجانة : المختلس ، وغلاب ، وسهلب والغنيم والمتعاطى ، فأنزل الله تعالى هذه الآية وأما السنة ، فروى أبو سلمة عن أبي هريرة أن النبي ( ص ) قال : ‘ من اقتنى كلباً إلا كلب ماشيةٍ أو صيدٍ أو زرعٍ انتقض من أجره كل يوم قيراطٌ ‘ .

وروى أبو إدريس الخولاني عن أبي ثعلبة الخشني قال : قال رسول الله ( ص ) : ‘ كل ما ردت عليك فرسك وكلبك ‘ .

وروى عامر الشعبي عن عدي بن أبي حاتم قال : سألت رسول الله ( ص ) فقلت : إنا قومٌ نصيد بهذه الكلاب ، فقال : إذا أرسلت كلابك المعلمة ، وذكرت اسم الله ، فكل ما أمسك عليك ، وإن قتل إلا أن يأكل الكلب ، فلا تأكل ، فإني أخاف أن يكون أنما أمسك على نفسه ، وإن خالطتها كلابٌ غيرها ، فلا تأكل ‘ .