الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج15-ص4
وفي قوله تعالى : ( إِلاَّ مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ غَيْرُ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرٌمٌ ) ( المائدة : 1 ) يريد به جميع الوحشي من صيد البر يحرم في الحرم ، والإحرام ، وفي قوله تعالى : ( وَأَنْتُمْ حَرُمٌ ) تأويلان :
أحدهما : في الحرم ، وهو قول ابن عباس .
والثاني : في الإحرام ، وهو قول أبي صالح ( إِنَّ اللهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ ) تأويلان :
أحدهما : يقضي ما يريد عفو وانتقام .
والثاني : يأمر بما يريد من تحليل وتحريم ، وهذه أعم آية في إباحة الأنعام والصيد في حالي تحليل وتحريم .
وقال الله تعالى : ( أُحِلَّ لَكُمْ صَيدُ البَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعاً لَكُمْ ) ( المائدة : 96 ) يعني ما عاش فيه من سمكه وحيتانه وطعامه ( مَتَاعاً لَكُمْ وَللسَّيَّارَةِ ) فيه تأويلان :
أحدهما : مملوحة .
والثاني : طافية .
( وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ البَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُماً ) ( المائدة : 96 ) فدل على إباحته لغير المحرم ، كما قال تعالى : ( وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا ) ( المائدة : 2 ) وهذا وإن كان أمراً ، وهو بعد حظر فدل على الإباحة دون الوجوب .
وقال تعالى : ( يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُمْ مِّنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ ) ( المائدة : 4 ) وفي مراده بالطيبات تأويلان :
أحدهما : ما استطبتموه من اللحمان سوى ما خص بالتحريم .
والثاني : أنه أراد بالطيبات الحلال ، سماه طيباً ، وإن لم يكن مستلذاً تشبيهاً بما يستلذ لأنه في الدين مستلذ .
( وَمَا عَلَّمْتُمْ مِّنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ ) ( المائدة : 4 ) يعني : وصيد ما علمتم من الجوارح ، فأضمره ؛ لدلالة المظهر عليه .
والجوارح : ما صيد به من سباع البهائم ، والطير ، وفي تسميتها بالجوارح تأويلان :
أحدهما : لأنها تجرح ما صادت في الغالب .
والثاني : لكسب أهلها بها من قولهم : ‘ : فلان جارحة أهله ‘ أي : كاسبهم .
قال الله تعالى : ( وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ ) ( الأنعام : 60 ) أي كسبتم .
وفي قوله تعالى : ( مُكَلِّبِينَ ) تأويلان :