الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج14-ص393
أحدهما : يجوز ؛ لأنها للسكنى كالمنازل .
والوجه الثاني : لا يجوز لأن تفردهم بها يفضي إلى اجتماعهم على كفرهم ،
وصلاتهم فيها ، وقد قال الله تعالى : ( فشرد بهم من خلفهم لعلهم يذكرون ) [ الأنفال : 57 ] .
فأما إن أوصى بالصدقة على فقراء اليهود والنصارى جاز ؛ لقول الله تعالى : ( ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا ) [ النساء : 8 ] ، وسواء كان هذا الموصي مسلما أو ذميا .
أحدها : باطلة ؛ لأنه غير مقر عليها ، فلا يملك بها ، وإن أسلم قبل قبولها .
والوجه الثاني : أنها صحيحة يملكه بها ، ولو كان مقيما على شركه ، ويقال له : إن أسلمت أقر العبد على ملكك ، وإن لم تسلم فبعه أو أعتقه ، وإلا بيع عليك ، فإن كاتبه أقر على كتابته حتى يؤدي ، فيعتق أو يعجز ، فيرق ، ويباع عليه قد بيع سلمان في رقه ، فاشتراه يهودي ثم أسلم ، فكاتب اليهودي على أن يغرس له واديا ، ففعل وعتق .
والوجه الثالث : أن الوصية موقوفة مراعاة ، فإن أسلم قبل قبولها ملكها ، وإن لم يسلم قبل القبول لم يملكها ؛ لأن وقف الوصية جائز .
قال المارودي : وهذا صحيح . الوصية بكتب التوراة والإنجيل باطلة ، سواء كان الموصي بها مسلما أو ذميا ، وتصح عند قوم استدلالا بأمرين :
أحدهما : أنها من كتب الله المنقولة ، بالاستفاضة ، فاستحال فيه التبديل كالقرآن .
والثاني : أن التبديل وإن ظهر منهم ، فقد كان في حكم التأويل ، ولم يكن في لفظ التنزيل والله تعالى قد أخبر عنهم ، وخبره أصدق أنهم بدلوا كتبهم ، فقال تعالى : ( فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ، ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمنا قليلا ) [ البقرة : 79 ] وقال تعالى ( يحرفون ؟ ( الكلم ) عن مواضعه ) [ النساء : 48 ] فأخبر انهم قد نسبوا إليه ما ليس منه وحرفوا عنه ما هو منه وهذا صريح في تبديل المعنى واللفظ ، وإن كان مبدلا كانت تلاوته معصية لتبديله ، لا لنسخه ، فإن في القرآن منسوخا يتلى كتلاوة الناسخ ، وإذا كانت تلاوته معصية كانت الوصية بالمعصية باطلة