الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج14-ص392
أحدهما : باطل كالمصحف ؛ لأنهما شرع مصان .
والوجه الثاني : جائز لقصوره عن حرمة القرآن .
فأما تفسير القرآن فهم ممنوعون من ابتياعه كالقرآن ، لاستبداعهم فيه ، وأنهم ربما جعلوه طريقا إلى القدح فيه ، فإن ابتاعوه كان البيع باطلا .
وأما كتب الفقه ، فإن صينت عنهم كان أولى ، وإن بيعت عليهم كان البيع جائزا .
وأما كتب النحو واللغة وأشعار العرب ، فلا يمنعون منها ، ولا تصان عنهم ، لأنه كلام لا يتميز بحرمة .
قال الماوردي : وهذا كما قال إذا أوصى رجل ببناء كنيسة لصلاة النصارى أو بيعة لصلاة اليهود في دار الإسلام لم يجز ، وكانت الوصية به باطلة ، سواء كان الموصي مسلما أو ذميا ، لأمرين :
أحدهما : أنها مجمع لما أبطله الله تعالى ، من صلاتهم وإظهار كفرهم .
والثاني : لتحريم ما يستأنف إحداثه في بلاد الإسلام من البيع والكنائس .
فإن أحد من أهل الذمة أوصى أن تبنى داره بيعة أو كنيسة لم يجز ، وسواء تحاكموا إلينا في الوصية أو إلى حاكمهم إلا أنهم إن تحاكموا إلينا أبطلنا الوصية ومنعنا من البناء ، وإن لم يتحاكموا إلينا منعنا من البناء ، ولم نعترض للوصية .
فإن كانت الوصية بعمارة بيعة قد استهدمت أبطلنا الوصية إن ترافعوا إلينا ، ومنعنا من البناء لبطلان الوصية .
وإن لم يترافعوا إلينا لم نعترض للوصية ، فإن بنوها لم يمنعوا لاستحقاق إقرارهم الذي يقدم عليها .
ولو أوصى ببناء كنيسة أو بيعة في دار الحرب لم يعترض عليهم في الوصية ، ولا في البناء ؛ لأن أحكامنا لا تجري على دار الحرب ، فإن ترافعوا في الوصية إلينا حكمنا بإبطالها ، ولم نمنع من بنائها .
أحدهما : أن يجعل لمارة المسلمين بسكناها معهم ، فهذه وصية جائزة .
والضرب الثاني : أن يجعلها خاصة لمارة النصارى ، ففيها وجهان :