الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج14-ص390
ولا يكره له ؛ لأن عقود المسلم تتوجه إلى المباح ، ويكره للمسلم أن يدفع إلى النصراني مالا قراضا ؛ لأنه ربما صرفه في محظورات الإسلام من الزنا وأثمان الخمور والخنازير و ولا يبطل القراض تغليبا لحمله على المباح ، فإن صرفه النصراني في محظور من أثمان خمور وخنازير ، فإن كان المسلم قد صرح له بالنهي عنه ، كان النصراني ضامنا لما صرفه في ثمنه ؛ لحظره ومخالفته وإن لم يصرح له بالنهي عنه ففي ضمانه له وجهان :
أحدهما : يضمنه لما أوجبه عقد المسلم من حمله على مقتضى شرعه .
والوجه الثاني : لا يضمنه ؛ لجوازه في دين عاقده ، فان ربح في الخمور والخنزير حرم ذبحه على المسلم ، فإن لم يختلط بأصل ماله حل له استرجاع ماله ، و حرم عليه أخذ ربحه وإن اختلط ربحه بماله حرم على المسلم استرجاعه ، وفي رجوعه بغرمه على النصراني وجهان ، واختلاف الوجهين في ضمانه إذا صرفه في ثمنه . وهكذا يكره للمسلم أن يشارك النصراني في مال ينفرد كل واحد منهما بالتصرف في جميعه ، ولا يكره اشتراكهن في مال لا يتصرف أحدهما فيه إلا باجتماعهما ؛ لأن النصراني إذا تفرد بالتصرف فيه صرفه في أثمان المحظورات ، وإذا اجتمع مع المسلم فيه صار ممنوعا منه فإن تفرد النصراني بالتصرف وظهر الربح في المال ، فأراد المسلم أن يقاسمه عليه ، لم يخلو ماله من ثلاثة أقسام :
أحدها : أن يعلم حصوله من حلال ، فيحل للمسلم أن يأخذ حقه من المال وربحه .
والثاني : أن يعلم حصوله من حرام ، فيحرم عليه أخذه ، فأما المال فإن لم يمتزج ربحه ، ولا عاد أصله من ثمنه حل له أخذ حقه منه ، وإن امتزج بربحه أو عاد أصله من ثمنه حرم عليه أخذه ، وفي رجوعه بغرمه على شريكه ما قدمناه من الوجهين .
والثالث : أن يشك في حصوله هل هو من مباح أو من محظور ، فلا يحرم عليه بالشك حكما ، ويكره له مع الشك ورعا .
قال الماوردي : إذا آجر المسلم نفسه من نصراني بعمل يعمله له ، فهو على ضربين :
أحدهما : أن تكون الإجارة معقودة في ذمته على عمل موصوف فيها ، فالإجارة جائزة ، وحصول العمل في ذمته كحصول الأثمان والقروض فيها .
والضرب الثاني : أن تكون الإجارة معقودة على عينه ، فقد خرجه أصحابنا على