پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج14-ص375

فإن أقام على ما كان عليه ولإا نبذ إليه عهده وأخرج من بلاد الإسلام بماله وصار حربا ومن بدل دينه من كتابية لم يحل نكاحها ( قال المزني ) رحمه الله : قد قال في كتاب النكاح وقال في كتاب الصيد والذبائح إذا بدلت بدين يحل نكاح أهله فهي حلال وهذا عندي أشبه وقال ابن عباس : ‘ ومن يتولهم منكم فإنه منهم ‘ ( قال المزني ) فمن دان منهم دين أهل الكتاب قبل نزول الفرقان وبعده سواء عندي في القياس وبالله التوفيق ‘ .

قال الماوردي : وصورتها أن ينتقل أهل الذمة في الإسلام من دين إلى دين ، فذلك ضربان :

أحدهما : أن ينتقلوا إلى دين يقر عليه أهله .

والثاني : إلى دين لا يقر عليه أهله .

فأما الضرب الأول ، وهو أن ينتقلوا إلى دين يقر عليه أهله كمن بدل يهودية بنصرانية أو بمجوسية أو بدل نصرانية بيهودية أو مجوسية ، أو بدل مجوسية بيهودية أو نصرانية ، ففي إقراره على ذلك قولان :

أحدهما : إنه يقر عليه ، وهو قول أبي حنيفة والمزني ؛ لأن الكفر كله ملة واحدة يتوارثون بها مع اختلاف معتقدهم ، فصاروا في انتقاله فيه من دين إلى دين ، كانتقال المسلمين من مذهب إلى مذهب .

والقول الثاني : وهو أظهر انه لا يقر عليه ؛ لقول الله تعالى : ( ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه ) [ آل عمران : 85 ] ؛ ولأنه لما كان الوثني إذا انتقل إلى نصرانية لم يقر ، والنصراني إذا انتقل إلى وثنية لم يقر ، وجب إذا انتقل النصراني إلى يهودية أن لا يقر ، لأن جميعهم منتقل إلى دين ليس بحق .

فإذا تقرر القولان ، فإن قيل بالأول أنه مقر في انتقاله لم يخل حاله فيما انتقل إليه من ثلاثة أقسام :

أحدهما : أن يكون مكافئا لدينه كيهودي ، تنصر أو نصراني تهود ، فأصل هذين الدينين سواء في جميع الأحكام ولا يختلف حكمهما بانتقاله من أحد الدينين إلى الآخر إلا في قدر الجزية ، فتصير جزيته جزية الدين الذي انتقل إليه دون جزية الدين الذين انتقل عنه سواء كانت أقل أو أكثر .

والقسم الثاني : أن يكون الدين الذي انتقل إليه أخف حكما من الدين الذي كان عليه ، كنصراني تمجس ، فينتقل عن أحكامه في الجزية والمناكحة والذبيحة والدية إلى أحكام الدين الذي انتقل إليه ، فتقبل جزيته ، ولا تحل مناكحته ، ولا تؤكل ذبيحته ، وتكون ديته ثلثي عشر دية المسلم بعد أن كانت نصفها كالمجوس في أحكامه كلها ،