پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج14-ص374

النصرانية منسوخة بشريعة الإسلام ، واختلف أصحابه في اليهودية ، بماذا نسخت ، على وجهين :

أحدهما : وهو الأشهر نسخت بالنصرانية ، حيث بعث الله عيسى بالإنجيل .

والوجه الثاني : أنها منسوخة بالإسلام حيث بعث الله محمدا ( ص ) بالقرآن ،

فإذا تقررت هذه الجملة ، فكل من كان من اليهود والنصارى من بني إسرائيل فهم مقرون على دينهم تقبل جزيتهم ، وتحل مناكحتهم ، وتؤكل ذبائحهم ؛ لعلمنا بدخولهم في هذين الدينين قبل تبديلهم ، فثبتت لهما حرمة الحق ، فلما خرج أبناؤهم عن الحق بالتنزيل حفظ الله فيهم حرمة إسلامهم ، فأقرهم على دينهم مع تبديلهم ، كما قال تعالى في قصة الجدار : ( وكان أبوهما صالحا ) [ الكهف : 82 ] الآية ، فحفظ الله تعالى بينهما صلاح أبيهما ، وقيل : إنه كان الأب السابع حتى أوصلهما إلى كنزهما .

واما غير بني إسرائيل من اليهود والنصارى ، فينقسمون أربعة أقسام :

أحدها : أن يكونوا قد دخلوا في اليهودية والنصرانية قبل تبديلهم فيكونوا كبني إسرائيل في إقرارهم بالجزية واستباحة مناكحتهم وذبائحهم ؛ لدخول سلفهم في دين الحق .

والقسم الثاني : أن يكونوا قد دخلوا فيها بعد التبديل مع غير المبدلين ، فهم كالداخل قبل التبديل في قبول جزيتهم ، وإباحة مناكحتهم وذبائحهم ؛ لأنهم دخلوا فيه مع أهل الحق .

والقسم الثالث : أن يكونا قد دخلوا فيه بعد التبديل مع المبدلين فيكونوا عن حكم عبدة الأوثان ؛ لأنهم لم يدخلوا في حق ؛ لأن التبديل باطل ، فلا تقبل جزيتهم ولا تستباح مناكحتهم ، ولا ذبائحهم ، ويقال لهم ما يقال لعبدة الأوثان ؛ إما الإسلام أو السيف .

والقسم الرابع : أن يقع الشك فيهم : دخلوا قبل التبديل أو بعده ، وهل دخلوا مع المبدلين أو مع غير المبدلين ، فهؤلاء يغلب منهم حكم التحريم في الأحكام الثلاثة ، فتحقن دماؤهم بالجزية تغليبا لتحريمها ، ولا تستباح مناكحهم ، ولا ذبائحهم تغليبا لتحريمها كما فعل عمر رضي الله عنه في نصارى العرب ، حين أشكل عليه أمرهم هل دخلوا في النصرانية ، قبل التبديل أو بعده ، فأمرهم بالجزية حقنا لدمائهم ، وحرم نكاح نسائهم وأكل ذبائحهم ، وجعلهم في ذلك كالمجوس .

( مسألة )

: قال الشافعي رحمه الله تعالى : ‘ فلا تقبل ممن بدل يهودية بنصرانية أو نصرانية بمجوسية أو مجوسية بنصرانية أو بغير الإسلام وإنما أذن الله بأخذ الجزية منهم على ما دانوا به قيل محمد عليه الصلاة والسلام وذلك خلاف ما أحدثوا من الدين بعده