الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج14-ص373
قال الماوردي : قد مضت هذه المسألة في مواضع شتى ، وذكرنا أن من خالف دين الإسلام من الكفار ينقسمون ثلاثة أقسام :
قسم هم أهل كتاب كاليهود والنصارى ، فتقبل جزيتهم ، وتحل مناكحتهم وذبائحهم .
وقسم لا كتاب لهم ولا شبهة كتاب كعبدة الأوثان فلا تقبل جزيتهم ولا تحل مناكحتهم ولا تؤكل ذبائحهم .
وقسم لهم شبهة كتاب ، فهؤلاء تقبل جزيتهم ، ولا تحل مناكحتهم ، ولا تؤكل ذبائحهم تغليبا لحكم التحريم .
وإذا كان كذلك صار كمال الحرمة فيهم لأهل الكتاب من اليهود والنصارى وهؤلاء ضربان :
أحدهما : بنو إسرائيل ، وإسرائيل هو يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم ، فبعث الله تعالى نبيه موسى في بني إسرائيل بالتوراة ، فآمن به جميعهم ، ودعا غيرهم ، فآمن بعضهم ، ودخل بعده في دينه قوم ثم بدلوا دينهم حتى عدلوا عن الحق فيه ، وسمي من دخل في دينه اليهود ، فبعث الله تعالى بعده عيسى ابن مريم بالإنجيل إلى بني إسرائيل وغيرهم ، فآمن به بعض بني إسرائيل من اليهود ، وآمن به طوائف من غيرهم ، ثم بدلوا دينهم حتى عدلوا عن الحق فيه ، وسمي من دخل في دينه النصارى ، فبعث الله تعالى بعده محمدا ( ص ) بالقرآن ، وجعله خاتم الأنبياء ( ص ) وعلى جميع الأنبياء المرسلين ، فدعا جميع الخلق بعد ابتدائه بقريش ؛ لأنهم قومه ، ثم بالعرب ، ثم بمن عداهم ، فآمن به من هداه الله تعالى من كافة الخلق ، فصارت شريعة الإسلام ناسخة لكل شريعة تقدمتها فلم يختلف مذهب الشافعي بعد نسخ جميع الشرائع المتقدمة بالإسلام أن