الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج14-ص371
أرضهم بهذا الشرط دار الإسلام ، وصاروا فيها أهل ذمة لا يقرون إلا بجزية ، ويكون خراج أرضهم مع بقائها على ملكهم جزية عن رؤوسهم ، فلا يلزم أن يجمع عليهم بين خراج الأرض وجزية الرؤوس .
وقال أبو حنيفة : لا تسقط جزية رؤوسهم بخراج الأرض ، واجمع عليهم بين الجزية والخراج ، لأن خراج الأرض عوض عن إقرارها عليهم ، والجزية عن حراسة نفوسهم ، فلم يسقط أحدهما بالآخر ، وهذا فاسد ؛ لأنه لما جاز أن يقرهم بالجزية دون الخراج ، ويكون ذلك عوضا عنهما جاز أن يقرهم بالخراج دون الجزية ، فيكون ذلك عوضا عنها ؛ لأن كل واحد منهما ينوب عنهما .
أحدهما : أن يكون خراج كل رجل منهم لا ينقص عن جزيته ، فإن نقص عنها أخذ بتمامها .
والثاني : أن من لا أرض له منهم لا يقر معهم إلا بجزية رأسه ، ويؤخذ هذا الخراج من أرضهم زرعت أو لم تزرع ؛ لأنها جزية .
فإن شرط أخذ الخراج منها إذا زرعت وإسقاطه إذا لم تزرع كان الشرط باطلا ؛ لأنهم قد يعطلونها فتسقط .
وقال أبو علي بن أبي هريرة : إن لم يكن لهم معاش غير الزرع جاز ؛ لأنهم لا يعطونها إلا من ضرورة ، وإن كان لهم معاش غيره لم يجز .
ويؤخذ هذا الخراج من كل مالك من الرجال والنساء وإن كانت جزية الرؤوس مأخوذة من الرجال دون النساء ؛ لأنها في مقابلة منفعة الأرض التي يشترك فيها جميعهم ، فصار الخراج أعم نفعا من الجزية ، فلذلك صار أعم وجوبا .
فإن جمع الإمام عليهم في شرط بين خارج الأرض وجزية الرؤوس جاز ، وصار خراج الأرض زيادة على الجزية ، فيؤخذ قليلا كان أو كثيرا من الرجال والنساء وتؤخذ جزية الرؤوس من الرجال دون النساء ، فإن اسلموا أسقط عنهم الخراج والجزية ، وأسقط أبو حنيفة الجزية دون الخراج .
قال الماوردي : وهذا على ثلاثة أقسام :
أحدهما : أن تكون الأرض قد صارت ملكا للمسلمين ، وهي دار الإسلام ، و هم