پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج14-ص370

نخيل خيبر حين فتحها ، وهذا خطأ ؛ لأن المعاملة لا تقتضي سقوط الجزية .

وينبغي للإمام إذا هادن قوما أن يكتب عقد الهدنة في كتاب يشهد فيه المسلمون ، ليشمل به الأئمة بعده ، ويجوز أن يقول فيه : لكم ذمة الله وذمة رسوله وذمتي ، وكذا في الأمان : لكم أمان الله ، وأمان رسوله وأماني ، وحرم بعض الفقهاء ذلك وكرهه آخرون ؛ لأنه ربما خفرت الذمة ، فأفضى ذلك إلى أن تخفر ذمة الله وذمة رسوله ، وهذا خطأ لأن معناه : أن لكم ما أوجبه الله ورسوله من الوفاء بالذمة والأمان ، فلم ينسب إليهما ما تخفر به ذمتهما .

( مسألة )

قال الشافعي رحمه الله تعالى : ‘ ولا بأس أن يصالحهم على خرج على أراضيهم يكون في أموالهم مضمونا كالجزية ‘ .

قال الماوردي : وصورتها أن يصالح الإمام أهل بلد من دار الحرب على خراج يضعه على أرضهم ، يستوفيه كل سنة من أموالهم ؛ فهو على ضربين :

أحدهما : أن ينعقد الصلح على أن تكون أرضهم للمسلمين ، فقد صارت بهذا الصلح من دار الإسلام ، وصاروا بإقرارهم فيها أهل ذمة لا يقرون إلا بجزية ، ولا يجزئ الخراج المأخوذ من أرضهم عن جزية رؤوسهم ؛ لأنه أجرة حتى يجمع عليهم بين خراج الأرض وجزية الرؤوس ، فإن أسلموا سقطت عنهم جزية رؤوسهم ، ولم يسقط عنهم خراج أرضهم .

والضرب الثاني : أن ينعقد الصلح على أن تكون الأرض باقية على أملاكهم ، والخراج المضروب عليها مأخوذا منهم ، فهذا على ضربين :

أحدهما : أن ينعقد الشرط على أمانهم منا ، ولا ينعقد على ذبنا عنهم ، فتكون أرضهم مع هذا الشرط من جملة دار الحرب ، ويكونوا فيها أهل عهد ، ولا يكونوا أهل ذمة ، ولا تؤخذ منهم جزية رؤوسهم ؛ لأنهم مقيمون في دار الحرب لا في دار الإسلام ، فيقتصر على أخذ الخراج منهم قل أو كثر ، ويكون الخراج كالصلح يجري عليه حكم الجزية ، وليس بجزية .

فإن أسلموا أسقط الخراج عنهم ، وصارت أرضهم أرض عشر .

وقال أبو حنيفة : لا يسقط عنهم خراج الأرض بإسلامهم ؛ لأنها قد صارت بالصلح أرض خراج ، فلم يجز أن ينتقل إلى العشر ؛ لنفوذ الحكم به ، وهذا غير صحيح ؛ لأن ما استحق بالكفر سقط بالإسلام كالجزية .

واحتجاجه بنفوذ الحكم فنفوذه مقصور على مدة الكفر .

والضرب الثاني : أن ينعقد الشرط على أمانهم منا ، وذبنا عنهم ، فقد صارت