الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج14-ص368
أحدها : أنه يجب عليهم تسليم المرتدين .
والثاني : أنه يجب عليهم التمكين من المرتدين ، ولا يجب عليهم تسليمهم .
والثالث : لا يجب عليهم تسليمهم ، ولا التمكين منهم ، فإن لم يجب عليهم تسليمهم ولا التمكين منهم وجب عليهم أن يغرموا مهور من ارتد من نسائنا وقيمة من ارتد من عبيدنا وإمائنا ، ولم يجب عليهم عمن ارتد من الرجال الأحرار غرم كما لم يجب عليهم عمن أسلم من أحرارهم غرم ؛ لأن رقبة الحر لا تضمن بغير جناية ، فلو عاد المرتدون إلينا لم نرد على أهل الذمة ما أخذناه من مهور النساء ، ورددنا ما أخذناه من قيمة العبيد ؛ لأنهم قد صاروا لهم بدفع القيمة ملكا ، فلم يصر لنسائهم لدفع المهور أزواجا .
وإن وجب عليهم التمكين منهم ، ولم يجب عليهم تسليمهم لم يجب عليهم غرم مهر ، ولا قيمة مملوك ، لأننا إن وصلنا إليهم بالتمكين ، فقد وصلنا إلى حقنا وإن لم نصل إليهم مع التمكين فلعجزنا .
وإن وجب عليهم تسليمهم أخذوا به جبرا إذا كان تسليمهم ممكنا ، ولا غرم إذا سلموهم . فإن فات تسليمهم بالموت أغرموا مهور النساء ، وقيمة العبيد والإماء ، وإن تعذر تسليمهم بالهرب ، فإن كان قبل القدرة على ردهم لم يغرموا مهرا ، ولا قيمة ، وإن كان بعد القدرة على ردهم غرموا مهور النساء وقيم العبيد والإماء
فإذا تقرر هذا ووجب لنا عليهم مهور من ارتد من نساءنا ، وقيم من ارتد من عبيدنا وإمائنا ، ووجب لهم علينا مهور من أسلم من نسائهم وقيم من أسلم من عبيدهم وإمائهم جعلناه قصاصا قولا واحدا ، لما في القبض والتسليم من الخطر الشاق ، فإن استويا في القدر برئت منه الذمتان ، وإن فضل لنا رجعت بالفضل عليهم ، وإن فضل لهم دفعنا الفضل إليهم ، ودفع الإمام ما قاصصهم به من بيت المال إلى مستحقيه من المسلمين وكتب إليهم أن يدفعوا ما قصصوا به ، إلى مستحقه من المشركين ، والله أعلم .
قال الماوردي : وهذا كما قال . لا يصح أن يتولى عقد الهدنة العامة إلا من إليه النظر في الأمور العامة وهو الخليفة أو من استنابه به ، فيها الخليفة ؛ لأن رسول الله ( ص ) عاهد بني قريظة وبني النضير بنفسه ، وهادن قريشا عام الحديبية بنفسه ؛ ولأن الخليفة ، لإشرافه على جميع الأمور أعرف بمصالحها من أشذاذ الناس ؛ ولأن أمره بالولاية أنفذ ، وهو على التدبير والحراسة أقدر .