پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج14-ص367

أحدهما : لا يرد إذا قيل : إن سيد الأمة لا يستحقه .

والقول الثاني : يرد إذا قيل إن سيد الأمة يستحقه ، فإن كان ما أدته أكثر من القيمة ، لم يسترجع فاضل القيمة من سيدها ، وإن كان ما أدته أقل من قيمتها استحق سيدها تمام قيمتها قولا واحدا ؛ لأنه عتق بعد ثبوت الرد ، وكان ذلك من بيت المال .

( فصل )

: فأما من ارتد بعد الهدنة من المسلمين ولحق بهم لم يخل حال الإمام في عقد هدنته من ثلاثة أقسام :

أحدهما : أن يكون قد اشترط فيها رد من ارتد إليهم ليؤخذوا برده وتسليمه سواء كان المرتد رجلا أو امرأة ، فإن امتنعوا من رده كان نقضا لهدنتهم ،

والقسم الثاني : أن يشترط فيه أن لا يردوا من ارتد إليهم من المسلمين فقد كان رسول الله ( ص ) شرط ذلك لقريش في هدنة الحديبية .

فأما الآن ففي جواز اشتراطه الهدنة قولان :

أحدهما : يجوز الاقتداء برسول الله ( ص ) في هدنة الحديبية ؛ ولأن الردة قد أباحت دماءهم فسقط عنا حفظهم .

والقول الثاني : أنه شرط باطل ؛ لأن هدنة رسول الله ( ص ) في الحديبية لما بطلت في رد من أسلم بطلت في ترك من ارتد ؛ لأن أحكام الإسلام عليها جارية .

والصحيح عندي من إطلاق هذين القولين أنها تبطل في ترك من ارتد من النساء ولا تبطل في ترك من ارتد من الرجال كما بطلت في رد من أسلم من النساء ، ولم تبطل في رد من أسلم من الرجال ؛ لأن النساء ذوات فروج يحرم على الكافر من المرتدة مثل ما يحرم عليه من المسلمة ، ولعل اختلاف القولين محمول على ما ذكرنا من الفرق بين الفريقين .

فإن قلنا بوجوب الرد كان عليهم لتمكين منهم ، وأن لا يذبوا عنهم ، ولم يكن عليهم تسليمهم ؛ لأنهم ما التزموه فإن ذبوا عنهم ، ولم يمكنوا منهم انتقض عهدهم .

وإن قلنا : إن الرد لا يجب عليهم جاز لهم أن يذبوا عنهم ، ولا يمكنوا منهم ، وكانوا فيه على عهدهم .

والقسم الثالث : أن يكون عهد الهدنة مطلقا لم يشترط فيه رد من ارتد إليهم ، ولإقراره معهم ، فإطلاقه يوجب رد من ارتد منا ، ولا يوجب رد من أسلم منهم ؛ لأن إطلاقه موجب لإمضاء حكم الإسلام فيه ؛ لأن حكمه أعلى ، فكان العقد عليه بمعنى ، فيلزمهم التمكن منهم ، ولا يلزمهم تسليمهم ، فإن ذبوا عنهم ، ولم يمكنوا انتقض عهدهم ، فصارت أحكام المرتد إليهم من هذه الأقسام ثلاثة تنقسم على أحكام ثلاثة :