الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج14-ص366
والضرب الثاني : أن يغلب على نفسه بعد إسلامه فهذا على ضربين :
أحدهما : أن يفعل ذلك قبل الهدنة فيعتق بهجرته مسلما ؛ لأنه غلب على نفسه في حال الإباحة .
فإذا أعتق في هذه الحال ، فهل يلزم الإمام غرم قيمته لسيده أم لا ؟ على قولين ، كالزوجة .
والضرب الثاني : أن يفعل ذلك بعد الهدنة ، فلا يعتق لحظره أموالهم بعدها ، فلم يملكها مسلم بالغلبة ، ويكون على رقه لسيده ، ويمنع من دفعه إليه ، إستيفاء رقه عليه ؛ لئلا يستذل بالاسترقاق ، ويقال لسيده إن اعتقته كان لك ولاؤه ، ولا قيمة لك عنه بعد عتقه ، وإن امتنعت من عتقه لم يعتق عليك جبرا ؛ لما أوجبته الهدنة من حفظ مالك ، وكان الإمام فيه مجتهدا في خيارين : إما أن يبيعه على مسلم ، أو يدفع قيمته من بيت المال ، ويعتقه عن كافة المسلمين ولهم ولاؤه .
فلو كان المطلوب أمة ذات زوج غلبت على نفسها وهاجرت مسلمة ، فحضر سيدها وزوجها في طلبها ، كان حكمها مع السيد على ما ذكرنا من حكم العبد في العتق والرد ، وعزم القيمة على التقسيم المقدم .
وأما حكمها مع الزوج ، فلا يخلو أن يكون حرا أو عبدا ، فإن كان حرا كان في استحقاقه لمهرها من بيت المال قولان كالحرة ، ولا يكون غرم قيمتها لو أخذها السيد مانعا من غرم مهرها للزوج . وإن كان الزوج عبدا ففي استحقاق المهر قولان أيضا ، لكنه ملك لسيده دونه فلا يسلم إذا استحق إلا باجتماع الزوج مع سيده ؛ لأن ملك البضع للعبد . وملك المهر لسيد ، فإن تفرد أحدهما بطلبه منع ، وإن اجتمعا عليه دفع بإجتماعهما إلى السيد دون العبد كما لو ملك العبد بالطلاق قبل الدخول نصف الصداق كان ملكا للسيد ، ولم ينفرد بقبضه إلا باجتماع مع عبده . ولو كانت المطلوبة أم ولد فجاء سيدهما في طلبها كانت في العتق ، واستحقاق القيمة كالأمة ، ولو كانت مكاتبة ، فإن حكم بعتقها على ما قسمناه في الأمة بطلب كتابتها ، وفي استحقاقه في لقيمتها قولان .
وإن لم يحكم بعتقها ، كانت على كتابتها ، ولم تبع عليه ، وإن أدت مال كتابتها عتقت بالكتابة ، وكان له ولاؤها ، وسواء كان ما أدته من الكتابة أقل من قيمتها أو أكثر ، وإن عجزت ورقت حسب من قيمتها بما أخذه من مال كتابتها بعد إسلامها ، ولم يحتسب عليه مأخذه منها قبل الإسلام ، فإن بلغ قدر والقيمة ، فقد استوفى حقه ، وعتقت وكان ولاؤها للمسلمين ، وهل يرد عليها من بيت المال أم لا ؟ على قولين :