الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج14-ص365
وإن كان أقلها ما غرمه رجع به ، ولم يرجع بالزيادة عليه ، لأنه لم يغرمها ، وسواء في استحقاقه المهر بين أن يشترط ردهن في عقد الهدنة أو لا يشترط ، إلا أن الهدنة تبطل باشتراط ردهن ولا تبطل إن لم يتشرط .
أحدهما : في استحقاق رد الأقوياء ، فصفة الرد أن يكون إذنا منه بالعود ، وتمكينا لهم من الرد ، ولا يتولاه الإمام جبرا إن تمانع المردود ، وكذلك أذن رسول الله ( ص ) لأبي جندل وأبي بصير في العود ، فإن أقام المطلوب على تمانعه من العود قيل : للطالب : أنت ممكن من استرجاعه ، فإذا قدرت عليه لم تمنع منه ، وإن عجزت عنه لم تعن عليه ، وروعي حكم الوقت فيما يقتضيه حال المطلوب ، فإن ظهرت المصلحة في حثه على العود لتألف قومه أشار به الإمام عليه بعد وعده بنصر الله ، وجزيل ثوابه ؛ ليزداد ثباتا على دينه ، وقوة في استنصاره وإن ظهرت المصلحة في تثبيطه عن العود أشار به سرا وأمسك عن خطابه جهرا ، فإن ظهر من الطالب عنف بالمطلوب واعده الإمام ، فإن كان لفرط إسفاق تركه ، وإن كان لشدة منعه ، فإن كان مع المطلوب مال أخذه من الطالب الذي نظر فيه :
فإن كان أخذه قبل الهدنة كان المطلوب أحق به . وإن أخذه بعد الهدنة كان الطلب أحق به ؛ لأن أمواله قبل الهدنة مباحة ، وبعدها محظورة . فأما إن كان المطلوب منا مقيما على شركه بعد لم يسلم مكن طالبه منه سواء كان قويا أو ضعيفا رجلا كان أو امرأة خيف عليهم منهم أو لم يخف ؛ لأن الهدنة قد أوجبت أمانه منا ، ولم توجب أن نؤمنه منهم ، واستحق بمطلق الهدنة تمكينهم منهم ولم يستحق بها أن نقوم برده عليهم إلا أن يشترطوا ذلك علينا ، فيلزمنا بالشرط أن نرده بخلاف المسلم الذي لا يجوز أن يرد ، ولا يلزمنا أن نعاوضهم عنه .
فإن شرطها في عقد الهدنة ، أن نعاوضهم عمن لحق بنا من كفارهم كان الشرط باطلا ؛ لأنه لا يملك أن يبذل أموال المسلمين عن المشركين للمشركين .
أحدهما : أن يغلب على نفسه قبل إسلامه ، فيعتق بهجرته بعد إسلامه سواء فعل ذلك قبل الهدنة أو بعدها ؛ لأن الهدنة توجب أمانهم منا ، ولا توجب أمان بعضهم من بعض .