الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج14-ص364
والشرط الثامن : أن يكون الزوج مقيما على كفره ؛ ليكون على المنع منها ، فإن أسلم ، فعلى ضربين :
أحدهما : أن يكون إسلامه قبل انقضاء عدتها ، فيكونان على النكاح ، ولا مهر له لتمكينه منها ، فلو كان قد أخذ المهر قبل إسلامه استرجع منه ؛ لئلا يكون مالكا لبضعها بغير مهر .
والضرب الثاني : أن يكون إسلامه بعد انقضاء عدتها ، فقد بطل النكاح ، بانقضائها ثم ينظر في المهر : فإن كان قد أخذ بالطلب قبل الإسلام لم يسترجع منه ، وصار بالقبض مستهلكا في الشرك ، وإن لم يأخذ المهر قبل إسلامه نظر .
فإن لم يكن قد طلبها حتى أسلم ، فلا مهر له ؛ لأنه غير ممنوع أن يستأنف نكاحها ، وإن قدم الطلب ، ولم يأخذ منها حتى أسلم ، ففي استحقاقه لمهرها وجهان :
أحدهما : يستحقه لوجوبه بالطلب .
والوجه الثاني : لا يستحقه ؛ لأنه ممكن من نكاحها إن أحب .
والشرط التاسع : أن يكون الزوج مقيما على نكاحها ، فإن طلقها ، فضربان :
أحدهما : أن يكون طلاقه بعدم المطالبة لها ، فله المهر ؛ لأنه قد استحقه بالمنع ، ولا يسقط بالطلاق كما لا يسقط بالموت .
والضرب الثاني : أن يكون طلاقه قبل المطالبة بها ، فهو على ضربين :
أحدهما : أن يكون بائنا بثلاث أو خلع ، فلا مهرله ؛ لأنه راض بتركها .
والضرب الثاني : أن يكون طلاقه رجعيا ، فهو موقوف على رجعته ، فإن لم يراجع ، فلا مهر له ؛ لتركها عن رضى ، وإن راجعها ، فله المهر لارتفاع الطلاق بالرجعة ، فصار باقيا على التمسك بها ، فإذا استقر مهرها باستكمال هذه الشروط التسعة ، وكانت المطالبة بزوجة أو زوجتين أو ثلاث أو أربع ، حكم له بمهورهن كلهن ، ولو طالب بعشر زوجات أسلمن عنه وقد نكحهن في الشرك قيل له : اختر من جملتهن أربعا ، ولك مهورهن ، ولا مهر لك فيما عداهن ، لاستقرار الشرع على تحريم من زاد على الأربع ، وإذا كان المهر مستحقا ، فقد قال أبو حامد الإسفراييني : المستحق فيه هو القدر الذي دفعه من قليل وكثير دون مهر المثل ، لقول الله تعالى : ( وآتوهم ما أنفقوا ) [ الممتحنة : 10 ] ، والذي عندي أنه يستحق أقل الأمرين من مهر مثلها أو ما دفع ، فإن كان أقلها مهر مثلها رجع به ، ولم يرجع بما غرمه من الزيادة عليه ؛ لأنه بدل البضع الفائت عليه